انتقدت لجنة تغير المناخ في بريطانيا (CCC) الوتيرة الحالية لتحقيق مستهدفات خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بحلول عام 2035.
وبحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تستهدف بريطانيا خفض الانبعاثات بنسبة 78%، مقارنة بمستويات عام 1990 بحلول عام 2035، مع استثناء انبعاثات قطاعي الطيران والشحن الدوليين.
وبناء على طلب من الحكومة، بعثت اللجنة الاستشارية بخطاب توصي فيه بتسريع وتيرة الأهداف المناخية، من أجل الإسهام في الهدف العالمي، للحفاظ على درجة حرارة الأرض عند 1.5 مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
وعلاوة على الريادة العالمية، ستدعم الخطوات المناخية الاقتصاد وفرص العمل وانتقال الطاقة العادل، خاصة مع توافر التقنيات منخفضة الكربون وبسعر تنافسي، ولكن مع الدعم الحكومي.
مكافحة تغير المناخ في بريطانيا
دعت أكبر جهة استشارية للحكومة البريطانية بشأن تغير المناخ حزب العمال الحاكم إلى رفع هدف خفض الانبعاثات بحلول 2030 إلى 81% من 78% حاليًا.
وإذ أشارت إلى الأضرار العالمية لتغير المناخ، أكدت اللجنة في خطاب إلى وزير أمن الطاقة والحياد الكربوني إد ميليباند، أن الهدف الجديد يعيّن المستوى الصحيح لهدف خفض الانبعاثات، وفق بيان صحفي منشور على الموقع الإلكتروني للجنة.
كما تقول إن تقييمها قابل للتنفيذ، ويرتكز على أحدث التطورات العلمية والتقنية والظروف الوطنية الخاصة في بريطانيا.
ومن المتوقع أن تعلن الحكومة ميزانية الكربون الـ7 في فبراير/شباط (2025)، وتستمر للأعوام بين 2038 و2042، بحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لجهود الحياد الكربوني في بريطانيا.
كما ينبغي على الحكومة أن تحدّث خطتها المناخية (الإسهامات المحددة وطنيًا “NDC”) قبل محادثات قمة المناخ “كوب 29” في أذربيجان خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل (2024).
وبموجب اتفاقية باريس لعام 2015، على الدول الموقعة تقديم إسهامات جديدة كل 5 سنوات، على نحو يعكس “أعلى طموح ممكن” مع تعزيز التزاماتها بموجب أحدث التطورات.
حاجة ملحة
وضعت حكومة حزب المحافظين في عام 2020 هدف خفض الانبعاثات بنسبة 68% بحلول عام 2030، مقارنة بعام 1990 بناء على نصيحة لجنة تغير المناخ.
لكن اللجنة نفسها حذّرت في يوليو/تموز الماضي (2024) من أن بريطانيا لن تحقق أهداف خفض الانبعاثات بحلول 2030، كما أن هدف الحياد الكربوني بحلول 2050 بعيد المنال.
وقالت اللجنة إن هدف خفض الانبعاثات بنسبة 68% بحلول 2030 في خطر ما لم تتدخل الحكومة سريعًا.
وانتقدت الرسائل المختلطة بشأن إزالة الكربون خلال فترة حكم حزب المحافظين السابق، التي شهدت تأجيلًا وتراجعًا عن الأهداف المناخية، وهو ما خلق شكوكًا حول التزام البلاد بالحياد الكربوني.
ولذلك، تمثّل الحكومة الجديدة فرصة لتصحيح المسار، ولكن مع الحاجة إلى تحقيق ذلك سريعًا لتعويض ما فات، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتفصيليًا، دعت إلى مضاعفة أهداف تركيبات الرياح البحرية في بريطانيا 3 مرات على الأقل، مع مضاعفة تركيبات الرياح البرية مرتين، والشمسية 5 مرات.
الحياد الكربوني في بريطانيا
تقول لجنة تغير المناخ إن نحو ثلث خطط خفض الانبعاثات فقط مشمولة بخطط موثوقة، ويتركز معظمها على توليد الكهرباء والنقل السطحي.
وجاء في الخطاب أيضًا ترحيب اللجنة لمساعي زيادة حصة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء وكفاءة الطاقة في المنازل المستأجرة وتقنية احتجاز الكربون وتخزينه.
لكن ثمة حاجة أكثر إلحاحًا لتسريع نشر التقنيات منخفضة الكربون، مثل السيارات الكهربائية والمضخات الحرارية وزراعة الأشجار.
ونجحت بريطانيا في خفض انبعاثات بمقدار النصف في 2022، مقارنة بعام 1990، وهو ما عُدّ إنجازًا تاريخيًا وريادة عالمية بالمقارنة بنسبة 23% في فرنسا.
وتعليقًا على توصيات لجنة تغير المناخ، قال مدير السياسات في منظمة غرينبيس (Greenpeace) في بريطانيا الدكتور دوغ بار، إنها قدّمت إلى الحكومة مقياسًا مفيدًا بشأن العمل المناخي.
لكنه اقترح رفع المستهدفات لتعكس القيادة العالمية الحقيقية وتحمّل المسؤولية الكاملة لدور بريطانيا التاريخي، بوصفها أحد أكبر مطلقي انبعاثات الكربون.
وأضاف: “الأفعال أبلغ من الكلام، وتعني القيادة الحقّة أنه يتعيّن على الحكومة وضع خطط ملموسة لتحقيق هدف 2035”.
في السياق نفسه، حثّت مديرة سياسات المناخ في الصندوق العالمي للطبيعة (WWF) إيزابيلا إدوود الحكومة على التحلي بروح القيادة العالمية، واعتماد الأهداف الخاصة بخفض انبعاثات الطيران والشحن.
وبحسب إدوود، من شأن تلك الخطوات أن تحفّز الاقتصاد وتعزّز أمن الطاقة وتدعم الانتقال العادل في القطاعات كافّة.
قوة عظمى
بدوره، أكد متحدث باسم وزارة أمن الطاقة والحياد الكربوني ريادة بريطانيا المناخية؛ لأن السبيل الوحيد لحماية الأجيال الحالية والمستقبلية هو جعل البلاد قوة عظمى في مجال الطاقة النظيفة وقيادة العمل المناخي العالمي.
وإذ أعرب عن امتنانه لتوصيات اللجنة، وعد المتحدث بدراستها بدقة قبل إعلان الإسهامات المحددة وطنيًا خلال فعاليات مؤتمر المناخ كوب 29.
وهنا، يقول الرئيس المؤقت للجنة بيرس فورستر، إن هدف خفض الانبعاثات بنسبة 81% سيعود بالنفع على الاقتصاد وفرص العمل، كما أن التقنيات المطلوبة متاحة وبسعر تنافسي.
ولفت إلى أن تدفق الاستثمارات في قطاعات السيارات الكهربائية والمضخات الحرارية والطاقة المتجددة مرهون بثقة المطورين بخطط الحكومة طويلة الأمد، وهو ما “نحتاج إلى رؤيته في التزام الحكومة المناخي بالميزانية المقبلة”.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..