تواصل ناميبيا توسعة رقعة إنتاج الهيدروجين الأخضر، ويبدو أن الانتقال من مرحلة التطوير إلى التصدير ودمج الوقود النظيف في صناعات مختلفة بات وشيكًا.
ووقّعت شركة هاي أيرون (HyIron)، المشتركة بين الشركة الأفريقية وألمانيا، اتفاقًا طموحًا لبدء توريد الحديد المختزل بصورة مباشرة إلى أوروبا.
وبحسب تفاصيل الاتفاق التي تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، من المقرر أن تزوّد شركة “هاي أيرون” شركة بنتلر (Benteler) -التي تتخذ من ألمانيا مقرًا لها- بكميات هائلة من الحديد المُصنّع اعتمادًا على وقود الهيدروجين.
وفي الوقت ذاته، يكافح مشروع هيدروجين آخر في الدولة الواقعة جنوب غرب القارة الأفريقية، لتأمين تمويل إضافي من ألمانيا، لمواصلة مشروع أول قرية خضراء تعمل بوقود الهيدروجين في القارة السمراء، وسط خلاف يهدد مصير المشروع.
اتفاق الحديد الأخضر
يقضي اتفاق شركة “هاي أيرون” المشتركة في ناميبيا إلى تصديرها ما يقارب 200 ألف طن سنويًا من الحديد المعالج باستعمال وقود الهيدروجين.
ومن المقرر أن تتلقى شركة “بنتلر” الألمانية إمدادات الحديد الأخضر المختزل مباشرة من مصنع أوشيفيلا (Oshivela)، الأول من نوعه في أفريقيا والواقع في منطقة “إيرونغو” بالدولة الأفريقية.
وبذلك، يُعدّ الاتفاق بين الشركتين بمثابة أول اتفاق شراء توقعه شركة “هاي أيرون”، وفق تفاصيل أوردها موقع هيدروجين إنسايتس.
ويتنامى طموح شركة “هاي أيرون” إلى جذب تقنياتها الخضراء منتجي الحديد العالميين، إذ تطمح الشركة بالتوسع مستقبلًا في أنظمة النقل لنقل خام الحديد إلى مصنعها العامل بوقود الهيدروجين.
ومع توقيع اتفاقيات مبشرة لإنتاج الحديد المختزل مباشرة اعتمادًا على وقود الهيدروجين، تعتزم “هاي أيرون” إطلاق مشروعات مشابهة في: أستراليا، وأنغولا، والبرازيل، بجانب التوسع محليًا في 4 مصانع.
التزام يفوق الطاقة الإنتاجية
فجّر الرئيس التنفيذي لشركة “هاي أيرون”، يوهان ميشلز، مفاجأة بتقديره الكميات المتعاقد عليها للتوريد إلى ألمانيا (200 ألف طن سنويًا من الحديد المختزل مباشرة) تفوق الطاقة الإنتاجية للمصنع بنحو 13 ضعفًا.
وحتى الآن، تنتج المرحلة الأولى من المشروع 15 ألف طن حديد أخضر فقط، باستثمارات 30 مليون يورو (31.5 مليون دولار أميركي) تشمل منحة ألمانية بقيمة 13 مليونًا في وفر مؤسسي الشركة التمويل المتبقي.
*(اليورو = 1.05 دولارًا أميركيًا).
وأكّدت وزيرة الشؤون الرئاسية في ناميبيا، كريستين هوبس، أن العقد الموقع مع “بنتلر” الألمانية يشكّل دفعة قوية لمراحل إنتاج شركة “هاي أيرون”.
وأضافت أن هناك مساعي لزيادة صادرات ناميبيا بوصفها لاعبًا رئيسًا في سلسلة التوريد العالمية الخضراء.
وتستعد شركة “هاي أيرون” لإطلاق مراحل إضافية، لتطوير إنتاج مصنع الحديد، ومن المقرر أن تبدأ المرحلة الثانية منتصف العام المقبل 2025.
وتوفّر هذه المرحلة 10 أضعاف قدرة الطاقة الشمسية الحالية، باستثمارات متوقعة قد تصل إلى 230 مليون يورو (241.6 مليون دولار أميركي).
وتضيف الشركة مرحلة تطوير ثالثة بحلول عام 2026، بما يرفع الطاقة الإنتاجية 10 أضعاف أخرى، واستثمارات متوقعة قد تصل 2.3 مليار يورو، قبل أن ترفع الشركة إنتاجها من الحديد المختزل مباشرة إلى مليوني طن بحلول 2030.
كيف يُنتج الحديد الأخضر؟
يُنتج الحديد الأخضر عبر عملية تسمى “الاختزال المباشر”، ويُطلق عليه في بعض الأحيان الحديد الإسفنجي.
وخلال عملية الإنتاج، تستعمل شركة “هاي أيرون” وقود الهيدروجين؛ ما يجعل الحديد المنتج خاليًا من الانبعاثات الكربونية.
ومن أبرز ميزات الإنتاج بهذه الطريقة أنها توفر المياه، إذ تعيد تدوير المياه المستعملة، ولا يُهدر أي كميات منها، حسب موقع ناميبيان.
وبدأ تطوير المشروع في أبريل/نيسان الماضي، وشملت المرحلة الأولى بناء ثاني أكبر محطات الطاقة الشمسية في ناميبيا، لتزويد أجهزة التحليل الكهربائي في أول مصنع حديد أخضر يعمل بالكهرباء النظيفة إقليميًا.
وخلال 6 أشهر أُنجِزت أعمال البناء بالتعاون مع 60 شركة محلية، وهو المخطط اتباعه في المراحل اللاحقة أيضًا.
ويتضمّن المصنع تركيب وحدتي تحليل كهربائي بقدرة 12 ميغاواط، وهي خطوة تُعد الأولى والأكبر بين دول جنوب القارة السمراء.
وتُشير التوقعات إلى بدء الإنتاج مطلع العام المقبل؛ تمهيدًا لإنتاج الحديد الأخضر عبر الاختزال المباشر، وباستعمال وقود الهيدروجين.
مشروع مهدد!
لا تتسم جميع مشروعات الهيدروجين في ناميبيا بالاستقرار، ففي الوقت الذي يشهد فيه مشروع إنتاج الحديد الأخضر وتصديره تقدمًا، يواجه مشروع آخر تحديات بسبب نقص التمويل.
ويتعرّض مشروع قرية الهيدروجين الأخضر إلى ضغوط، ولجأت شركة إنرسنس إنرجي (Enersense Energy) التي تدير مشروع “داورس Daures” بحصة 90% لطلب المزيد من التمويل من الحكومة الألمانية، طبقًا لتفاصيل موقع ناميبيان.
وكانت برلين قد دعّمت المشروع بالفعل بما يصل إلى 232 مليون دولار ناميبي (12.80 مليون دولار أميركي)؛ ما أثار تساؤلات حكومة الدولة الأوروبية حول وجهات الإنفاق ودفعها إلى التلويح بإلغاء دعم المشروع وطلب استرداد دفعات التمويل السابقة.
*(الدولار الناميبي = 0.055 دولارًا أميركيًا).
واستهدف المشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا في مارس/آذار الماضي، مع التخطيط للتوسع المستقبلي في السوق المحلية والتصدير، وتأجّل الإنتاج حتى يونيو/حزيران ثم سبتمبر/أيلول، دون تقدم يُذكر حتى الآن.
ويقف التمويل عائقًا أمام استئناف تطوير المشروع -الذي انطلق في 2022-، إذ تحتاج الشركة المشغلة إلى المزيد من الدعم، في الوقت الذي تتساءل فيه الهيئات الممولة في ألمانيا عن أوجه إنفاق الدفعات السابقة وتدرس إلغاء دعمها المشروع.
وانعكس ذلك على التأخير في تسليم جهاز التحليل الكهربائي، لكن المشروع أنجز خطوات في البنية التحتية وأنظمة معالجة المياه وتأمين الكهرباء وتخزينها؛ إذ شهد تركيب 3 توربينات رياح معنية بالعمل البحثي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- تفاصيل اتفاقية الشراء من أول مصنع للحديد الأخضر في أفريقيا، من هيدروجين إنسايتس.
- مراحل التطوير المرتقبة لإنتاج الحديد الأخضر في ناميبيا، من ناميبيان.
- قرية الهيدروجين تطلب المزيد من الدعم وتلويح ألماني بالإلغاء، من ناميبيان.