تسارعت وتيرة الطلب على الكهرباء في أميركا منذ عام 2021، بعد الاستقرار النسبي الذي شهده خلال الأعوام الـ20 السابقة، مع تزايد النشاط الصناعي وانتشار مراكز البيانات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
ولفت تزايد الطلب على الكهرباء الأنظار إلى سلاسل التوريد والمعدات الكهربائية الأساسية، التي تفتقر السوق إليها بالفعل، وما تبعه من تباعد أوقات تسليم الإمدادات وكذلك ارتفاع أسعارها، وفق تقرير حديث حصلت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرها واشنطن).
وأدى تزايد السيارات الكهربائية ومراكز الهيدروجين، وزيادة الطلب في أوقات الذروة التي ترتفع فيها الحرارة أو ترتبط بظروف مناخية قاسية، إلى تزايد الطلب على الكهرباء في أميركا.
زيادة الاستثمار حفّزت الطلب
تزايدت معدلات الإنفاق الاستثماري على المشروعات الصناعية بنسبة 32% على أساس سنوي في فبراير/شباط الماضي، وهو ما يمثل زيادة 181% مقارنة بما كانت عليه قبل الوباء، وهو ما أدى إلى زيادة سريعة في الطلب على المعدات الكهربائية الأساسية، وفق تقرير لشركة الأبحاث وتحليلات الطاقة “وود ماكنزي” (Wood Mackenzie).
وكان لقانون الرقائق والعلوم الأميركي (CHIPS and Science)، وقانون خفض التضخم (IRA)، أثر كبير في زيادة الاستثمار في التصنيع؛ إذ إن كلا القانونين يوجه الاستثمار نحو سلاسل توريد المكونات المحلية الرئيسة في تحول الطاقة.
فضلًا عن ذلك، فقد كان لتزايد التركيز على استعمالات الذكاء الاصطناعي أثر في توسع الطلب على الكهرباء في أميركا.
ومن المرتقب حدوث ارتفاع في استهلاك الكهرباء من مراكز البيانات من 2.5% (130 تيراواط/ساعة) من إجمالي الاستهلاك الأميركي في 2022، ليصل إلى 7.5% (390 تيراواط/ساعة) بحلول نهاية العقد الحالي، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ارتفاع أسعار المعدات الكهربائية
مع نمو الطلب على الكهرباء في أميركا يتزايد الضغط على سلاسل التوريد للمعدات الكهربائية الرئيسة، وهو ما يثير تساؤلات عمّا إذا كانت البنية التحتية الحالية لنقل وتوزيع الكهرباء والمواد اللازمة لذلك قادرة على مواكبة وتلبية الطلب المتسارع.
وكانت المحوّلات الكهربائية العنصر الحيوي في أزمة سلاسل توريد مرافق الكهرباء، خلال السنوات القليلة الماضية، مع قلة المعروض وارتفاع الطلب، وتلبية 20% فقط من احتياج السوق المحلية في أميركا.
وتسببت ندرة المعروض من المحوّلات الكهربائية في ارتفاع الأسعار بشكل كبير منذ يناير/كانون الثاني 2022، بنسب تتراوح بين 40% و60%، بحسب مواصفات كل محوّل، وفق التقرير، الذي اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
التنافس وتباعد أوقات التسليم
فضلًا عن ارتفاع أسعار المعدات الكهربائية؛ فقد شهدت أوقات التسليم تباعدًا بشكل أكبر من 78 أسبوعًا في الربع الأول من عام 2022 إلى 127 أسبوعًا في الربع الأخير من عام 2023، وفق ما جاء في تقرير وود ماكنزي.
ومع زيادة الجهد الكهربائي، سجّلت قواطع الدوائر الكهربائية ارتفاعًا في متوسط مهلة التسليم وصلت إلى 151 أسبوعًا في الربع الأخير من 2023، بنسبة زيادة 130% على أساس سنوي.
فضلًا عن ذلك، مع بداية 2022، ارتفعت أسعار قواطع الدوائر الكهربائية والمفاتيح ذات الجهد المتوسط بنسبة 21% و26% على التوالي، بسبب التنافس بين موردي المعدات الكهربائية.
ومع زيادة الاستثمارات في التصنيع ومراكز البيانات، من المتوقع زيادة أكبر في الطلب على المعدات الكهربائية الحيوية مثل المفاتيح والمحولات الكهربائية، وهو ما يعني ارتفاعًا مستمرًا في الأسعار وأوقات التسليم، خاصة مع توسيع قدرات التوليد وتطوير البنية التحتية للنقل والتوزيع.
تعزيز المعروض المحلي
مع التوقعات المتزايدة بارتفاع الطلب على الكهرباء في أميركا خلال السنوات المقبلة جراء التوسع المتصاعد في البنية التحتية كثيفة الاستهلاك للطاقة؛ فإن الضغوط على سلاسل التوريد ستزداد.
وهذا يلفت النظر إلى ضرورة تعزيز المعروض المحلي من المعدات الكهربائية الحيوية والاعتماد عليها بشكل أكبر من الواردات، من أجل تلبية تزايد الطلب على الكهرباء في أميركا.
وربما تكون أزمة سلاسل التوريد في التصنيع عائقًا أمام التوليد النظيف بسبب طول المدة الزمنية اللازمة لبناء قدرات الطاقة النظيفة، وهو ما يهدد بتزايد الطلب على التوليد بالوقود الأحفوري لتلبية نمو الأحمال المتصاعد.
ولهذا، فإن العمل على تحقيق التوازن بين تزايد الطلب على الكهرباء في أميركا والتوسع في قدرات البنية التحتية لمصادر الطاقة النظيفة هو أمر مهم يجب العمل عليه لتطبيقه.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..