انتشرت تقارير إعلامية تزعم أن السعودية كانت تستهدف أسعار النفط عند نطاق محدد، ثم تخلّت عنه استعدادًا لزيادة الإنتاج.

وفي أحدث تطور، نشرت صحيفة فايننشال تايمز (Financial Times) اليوم الخميس (26 سبتمبر/أيلول 2024) بعنوان: السعودية مستعدة للتخلّي عن هدف سعر النفط الخام عند 100 دولار لاستعادة حصة السوق.

وفنّدت شركة “إنرجي أوتلوك أدفايزرز” الأميركية (Energy Outlook Advisors) عدم صحة المزاعم، واصفةً القصة بأنها مضللة، ولا تغيّر أيّ حقائق.

ورأت “إنرجي أوتلوك” -في تقرير حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- أنه بالنظر إلى الهجوم الذي شنّته بلومبرغ على السعودية وأوبك أمس، والهجوم الذي شنّته فايننشال تايمز اليوم، فإن هذا يعطي إحساسًا بأنها هجمات منسّقة، وقد يُشهَد المزيد.

قصة مضللة

ذكر التقرير الذي أصدرته شركة “إنرجي أوتلوك أدفايزرز” الأميركية، أن قصة “فايننشال تايمز” مضللة؛ إذ تُعدّ فكرة أنه لدى السعودية هدف لأسعار النفط عند 100 دولار، هي أمر مختلق.

وكانت هناك تقارير إعلامية تُفيد بأن السعودية بحاجة إلى 100 دولار لموازنة الميزانية، لكن هذه كانت حجج “نظرية”.

وشدد التقرير -الذي اطّلعت منصة الطاقة المتخصصة على تفاصيله- أنه لم يكن هناك هدف سعر 100 دولار، ومن ثم لا يوجد شيء للتخلّي عنه.

كانت عائدات النفط السعودية مرتبطة بأسعار النفط في السنوات الأخيرة، وليس من المستغرب أن تنخفض العائدات مع انخفاض أسعار النفط، وأيّ مناقشة لهذه الإيرادات لا معنى لها دون سياق.

وتتوقع شركة “إنرجي أوتلوك” أن تنخفض الإيرادات في سبتمبر/أيلول إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2020، ولكن هذا لا ينبغي أن يكون مشكلة كبيرة، لأن السعودية كانت تعمل على تنويع دخلها في السنوات الأخيرة، ما يخفف من التأثير.

ومع ذلك، تظل المملكة تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط؛ ففي حالة انخفاض أسعار النفط، يُمكن أن تكون الحكومة مرنة للغاية: يمكنها تقليل الإنفاق، أو تأخير أو إلغاء المشروعات، أو الاقتراض من الأسواق الداخلية والخارجية.

أسعار النفط اليومية ليست مهمة

أوضح التقرير أن وسائل الإعلام مهووسة بحسابات صندوق النقد الدولي، التي تدّعي أن موازنة الميزانية في المملكة العربية السعودية تتطلب أسعارًا عند 100 دولار أو أعلى.

وقال التقرير: “كان العديد من البلدان يعاني من عجز في الميزانية لعقود من الزمن (وأبرزها الولايات المتحدة)، فلماذا تصرّ وسائل الإعلام الرسمية على أن السعوديين يوازنون ميزانيتهم؟ الحقيقة هي أن السعر المطلوب لتحقيق التوازن في الميزانية ليس ذا أهمية”.

وأشار إلى أن ما يهمّ من وجهة نظر مالية هو السعر المفترض لتوليد الإيرادات ضمن الميزانية، هذا السعر أقل من 80 دولارًا للبرميل، وهذا السعر ليس له تأثير في سياسة النفط، ومن ثم، ليس له تأثير في سوق النفط.

ومن الجدير بالذكر أن سعر السعودية لصادراتها النفطية يتحدد من خلال أخذ المتوسطات الشهرية، ومن ثم فإن السعوديين لا يهتمون بالتقلبات اليومية.

وكتب التقرير: “من الجدير بالذكر -أيضًا- أنه عندما يخفض السعوديون الإنتاج، فإنهم يحافظون على الموارد لبيعها في المستقبل؛ لذلك، يجب أن نكون حذرين عندما نتحدث عن خسارة حصة السوق مع خفض الإنتاج”.

وخلص التقرير إلى أن المملكة العربية السعودية تستطيع إدارة شؤونها المالية بإنتاج يبلغ 9 ملايين برميل يوميًا، وصادرات من الخام تتراوح بين 6 و7 ملايين برميل يوميًا، وأسعار أعلى من 70 دولارًا للبرميل، دون أيّ صعوبات كبيرة.

هل تخلّت السعودية عن موقفها؟

اتفقت السعودية مع الدول الـ7 الأخرى الأعضاء في تحالف أوبك+، التي أجرت تخفيضات طوعية، على إلغاء التخفيضات الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا على مدى عام واحد، بدءًا من 1 أكتوبر/تشرين الأول 2024.

ومع ضعف الطلب وانخفاض أسعار النفط، قرروا تأجيل إلغاء التخفيضات لمدّة شهرين، حتى يجتمعوا في 1 ديسمبر/كانون الأول 2024.

وأشار التقرير إلى أن الفكرة كلها هي أنهم يريدون إلغاء التخفيضات، وهذا معروف منذ أشهر، ولا علاقة له بالتخلّي عن أيّ موقف، وتبدو القصة وكأن السعوديين أرادوا تحطيم السوق، وهذا ليس هو الحال.

وكتب التقرير: “علينا أن نميز بين إلغاء التخفيضات الطوعية المخطط له وتحطيم السوق.. فهذان شيئان مختلفان”.

وإذا أراد السعوديون “معاقبة” الغشاشين، فيمكنهم اللجوء إلى “انهيار مفاجئ” مماثل لما حدث في مارس/آذار 2020، ولكن هذا ليس ما تدور حوله قصة فايننشال تايمز، على الرغم من حقيقة أنها تمنح القرّاء هذا الشعور.

ولكن من المفترض أن يفيد تقرير “فايننشال تايمز” تحالف أوبك+ بإرسال رسالة إلى العراق وقازاخستان، مفادها أن عليهما التعاون، وإلّا، على الرغم من أن “فايننشال تايمز” لا تقصد مساعدة أوبك+.

قصة فايننشال تايمز

زعمت صحيفة “فايننشال تايمز” أن المملكة العربية السعودية تستعد للتخلّي عن هدفها غير الرسمي لسعر 100 دولار للبرميل من النفط، استعدادًا لزيادة الإنتاج، في إشارة إلى أن المملكة استسلمت لمدة انخفاض أسعار النفط.

وكان من المقرر أن تخفف السعودية و7 أعضاء آخرين في تحالف أوبك+ تخفيضات الإنتاج طويلة الأمد منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول.

لكن الصحيفة أشارت إلى أن التأخير لمدّة شهرين أثار تكهنات حول ما إذا كانت المجموعة ستتمكن من زيادة الإنتاج، مع انخفاض سعر خام برنت لمدّة وجيزة إلى أقل من 70 دولارًا هذا الشهر إلى أدنى مستوى له منذ ديسمبر/كانون الأول 2021.

ومع ذلك، نقلت الصحيفة عن أشخاص زعمت أنهم مطّلعون على الأمر أن المسؤولين في المملكة ملتزمون بإعادة هذا الإنتاج كما هو مخطط له في 1 ديسمبر/كانون الأول، حتى لو أدى ذلك إلى مدّة طويلة من انخفاض الأسعار.

ورأت “فايننشال تايمز” أن “التحول في التفكير” يُعدّ تغييرًا كبيرًا في النهج الذي تنتهجه المملكة، التي قادت أعضاء آخرين في أوبك+ إلى خفض الإنتاج مرارًا وتكرارًا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022، محاولةً للحفاظ على الأسعار المرتفعة، على حدّ زعمها.

وذكر التقرير أن المملكة تحتاج إلى سعر نفط يقترب من 100 دولار للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها، وفقًا لصندوق النقد الدولي، إذ يسعى ولي العهد محمد بن سلمان إلى تمويل سلسلة من المشروعات الضخمة في قلب برنامج إصلاح اقتصادي طموح.

ومع ذلك، قررت المملكة أنها ليست على استعداد لمواصلة التنازل عن حصة السوق لمنتجين آخرين، بحسب “فايننشال تايمز”.

كما تعتقد المملكة أن لديها خيارات تمويل بديلة كافية لتجاوز مدّة انخفاض الأسعار، مثل استغلال احتياطيات النقد الأجنبي أو إصدار ديون سيادية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.