ازدادت التكهنات حول موقف السعودية و7 دول من تحالف أوبك+ بشأن زيادة إنتاج النفط التدريجية، المقررة بدءًا من شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وسط التغيرات الأخيرة في أسواق النفط.
ووفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أفادت وكالتا رويترز وبلومبرغ بأن تحالف أوبك+ يناقش تأجيل زيادة الإنتاج المخطط لها الشهر المقبل، مع هبوط أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في 9 أشهر.
ومن الطبيعي أن تُناقش كل الخيارات قبل اتخاذ القرار، ولكن هذا الأمر لا يدل على شيء؛ لأن المهم هو القرار النهائي الذي سيتخذه وزراء الدول الـ8 في التحالف، لا المندوبون.
وكانت السعودية و7 دول من تحالف أوبك+ قد قررت تمديد التخفيضات الطوعية لإنتاج النفط بواقع 2.2 مليون برميل يوميًا حتى نهاية الربع الثالث من عام 2024، مع تمديد الخفض الأول الذي بدأ في مايو/أيار 2023، بواقع 1.6 مليون برميل يوميًا، إلى نهاية 2025.
وحسب بيان حصلت عليه منصة الطاقة، ستُعاد كميات الـ2.2 مليون برميل يوميًا بالتدريج على أساس شهري من أكتوبر/تشرين الأول 2024 حتى نهاية سبتمبر/أيلول 2025، مع تأكيد الدول الأعضاء أن هذه الزيادة الشهرية يُمكن إيقافها، أو عكس اتجاهها (خفض الإنتاج)، وفقًا لمستجدات السوق؛ نظرًا إلى أن التحالف يهدف إلى تحقيق الاستقرار في السوق والتوازن بين العرض والطلب.
تخفيضات إنتاج أوبك+
من الملاحظ وجود عدم توازن في السوق وانخفاض الأسعار، وهو ما دفع المحللين إلى التكهن بأن الدول الـ8 الأعضاء في أوبك+ ستؤخر أو تلغي زيادة إنتاج النفط تدريجيًا.
إلا أن هناك إشكالية تتمثّل في أنه إذا التزمت الدول الأعضاء في تحالف أوبك+ التي تجاوزت حصصها الإنتاجية -خاصةً العراق وقازاخستان- بالتعويض، فإن أثر قرار الدول الـ8 بزيادة الإنتاج تدريجيًا في أسواق النفط سيكون ضعيفًا على كل الحالات.
ولكن إذا ألغت الدول الـ8 زيادة الإنتاج أو أخّرتها، وتقاعست هذه الدول عن التعويض، فهذا الأمر سيمثّل مشكلة للمجموعة؛ إذ ستستمر الأسعار بالانخفاض وسط خلاف داخلها.
وفي الأسبوع الماضي، بدا أن المجموعة مستعدة للمضي قدمًا في زيادة الإنتاج تدريجيًا بدءًا من أكتوبر/تشرين الأول، لكن تقلبات السوق بسبب إغلاق منشآت النفط في ليبيا وتوقعات الطلب الضعيفة أثارت مخاوف داخل المجموعة، بحسب ما نقلته وكالة رويترز.
ومن المقرر أن ترفع 8 دول أعضاء في تحالف أوبك+ الإنتاج بمقدار 180 ألف برميل يوميًا في أكتوبر/تشرين الأول، جزءًا من خطة لبدء التخلص من تخفيضات الإنتاج البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا.
وبعد إعادة كميات الخفض الطوعي (الـ2.2 مليون برميل يوميًا)، ستتبقى التخفيضات الطوعية البالغة 1.6 مليون برميل يوميًا خلال الربع الأخير من عام 2025.
ويوضح الجدول التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حصص إنتاج النفط لدول تحالف أوبك+ المشاركة بالتخفيضات الطوعية حتى نهاية 2025:
وكان تحالف أوبك+ قد أعلن -في اجتماعه الوزاري الذي عُقِد في 2 يونيو/حزيران 2024- تمديد تخفيضات إنتاج النفط (مليونَي برميل يوميًا) حتى نهاية 2025، مع تمديد مدة التقييم من قبل المصادر الـ3 المستقلة حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2025، لاستعمالها دليلًا إرشاديًا لمستويات الإنتاج المرجعية لعام 2026.
وأكد التحالف أن قرار تمديد تخفيضات إنتاج النفط حتى نهاية 2025 يأتي في ضوء الالتزام المستمر للدول الأعضاء بتحقيق استقرار سوق النفط واستدامتها، وتوفير التوجيه والشفافية على المدى الطويل للسوق، وتماشيًا مع النهج المتمثل في الحيطة والاستباقية والوقائية.
تراجع أسعار النفط
في هذا السياق، سلّط تقرير حديث حصلت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) على نسخة منه، الضوء على تداول أسعار النفط عند أدنى مستوى لها منذ ديسمبر/كانون الأول 2023، بعد أنباء عن إضافات محتملة للإمدادات من أوبك+ وليبيا.
وأشار التقرير، الذي أصدره بنك الاستثمار السويسري “يو بي إس”، إلى أن أسعار النفط تعرّضت لضغوط متجددة في الأيام الأخيرة، بعد أن واجهت ضعف واردات الخام الصينية والبيانات الاقتصادية في يوليو/تموز.
وفي 3 سبتمبر/أيلول 2024، تسبّبت التقارير الإعلامية عن صفقة محتملة في ليبيا من شأنها أن تسمح للبلاد بإعادة الإمدادات المعطلة في انخفاض آخر في الأسعار.
في السابق، أدى الخلاف حول السيطرة على المصرف المركزي وكيفية توزيع عائدات النفط بين أصحاب المصلحة الليبيين إلى إيقاف إنتاج النفط، وتعطيل نحو 700 ألف برميل يوميًا.
وكتب محلل السلع لدى بنك الاستثمار السويسري، جيوفاني ستانوفو: “ما زلنا نعتقد أن سوق النفط تعاني نقص المعروض على الرغم من ضعف الطلب الصيني على النفط، إذ يظل الطلب قويًا في دول أخرى، وكان نمو المعروض مخيبًا للآمال في بعض الدول غير الأعضاء في تحالف أوبك+”.
وتابع ستانوفو -الذي شارك في إعداد التقرير-: “بينما من المرجح أن تظل الأسعار متقلبة في الأمد القريب، فإننا نحتفظ بنظرة إيجابية، ونتوقع أن تتعافى الأسعار من مستوياتها الحالية”، مع عودة خام برنت إلى الارتفاع فوق 80 دولارًا للبرميل خلال الأشهر المقبلة.
قلق غير مبرر
أوضح تقرير بنك الاستثمار السويسري -الذي اطّلعت منصة الطاقة على تفاصيله- أن العرض من الدول الـ8 الأعضاء في تحالف أوبك+ التي وافقت على تخفيضات طوعية لم يتغير، إذ ستأتي الزيادة الأولى في أكتوبر/تشرين الأول. كما يظل الإنتاج الليبي منخفضًا عند نحو 0.3 مليون برميل يوميًا (مقابل 1.2 مليون برميل يوميًا من قبل).
وقال محلل السلع لدى بنك يو بي إس، جيوفاني ستانوفو: “لذا، في رأينا، ما تزال سوق النفط متوترة كما كانت قبل أسبوع؛ كما يظل من غير الواضح ما إذا كانت الصفقة في ليبيا ستتحقق وتصمد، إذ وافقت القوى السياسية فقط على تعيين محافظ جديد للمصرف المركزي في غضون الـ30 يومًا المقبلة”.
ورغم أن هذه خطوة في الاتجاه الصحيح، فإن القرارات الأكثر صعوبة ما تزال قائمة، بما في ذلك كيفية توزيع عائدات النفط، بحسب التقرير.
وبشأن زيادة إنتاج النفط من دول تحالف أوبك+ بمقدار 180 ألف برميل يوميًا في أكتوبر/تشرين الأول 2024، رأى التقرير أنه مع انخفاض الأسعار الآن، فمن الممكن أن تُوقف هذه الزيادات مؤقتًا.
وصرّح أعضاء أوبك+ بوضوح أنه يُمكن إيقاف الزيادات أو عكس اتجاهها (خفض الإنتاج)، إذا كانت ظروف السوق تتطلب ذلك.
كما أن العراق وقازاخستان وروسيا قد تنتج كميات أقل بعد إنتاج أكثر من اللازم، لتعويض عدم التزامها بحصص خفض الإنتاج المتفق عليها من قبل أوبك+.
وخلص التقرير إلى أنه “باختصار، نعتقد أن السوق قلقة بصورة غير مبررة بشأن أحجام أوبك+ الإضافية.. ولكن كما رأينا في الماضي، من المرجح أن ينتظر المشاركون في السوق لمعرفة كيف سيتطور إنتاج أوبك+”.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..