اقرأ في هذا المقال
- نيجيريا من كبار منتجي النفط ومصدّريه في أفريقيا وأحد أعضاء أوبك
- سرقة النفط وأعمال التخريب أجبرت البلاد على استيراد المشتقات لسنوات
- أغلب مصافي التكرير كانت متوقفة أو تعمل بطاقة تكريرية منخفضة جدًا
- آمال كبيرة معلّقة على مصفاة دانغوتي لإنقاذ البلاد من فاتورة الاستيراد الضخمة
- مركز كابسارك يحلّل سيناريوهات تشغيل المصفاة وهوامش تكريرها المستقبلية
تسعى أكبر مصفاة نفط في أفريقيا -المصنّفة الأكبر عالميًا في معالجة النفط بنظام القطار الواحد- بتلبية الطلب على الوقود السائل في نيجيريا، وتصدير بعض المشتقات للسوق العالمية.
وتقع مصفاة دانغوتي -البالغة طاقتها 650 ألف برميل يوميًا- في ولاية لاغوس جنوب غرب نيجيريا، وبدأ تشغيلها نهاية العام الماضي (2023) بتكلفة استثمارية تصل إلى 19 مليار دولار، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
ورغم أن نيجيريا تعدّ منتجًا رئيسًا للنفط الخام في القارة الأفريقية وعضوًا في منظمة أوبك، فإن إمداداتها غير مستقرة بسبب عمليات التخريب وسرقة النفط التي أدت إلى عجز البلاد عن الوفاء بحصّتها من إمدادات أوبك.
كما تعتمد البلاد على استيراد المشتقات النفطة لتوفير الطلب المحلي، رغم امتلاكها طاقة تكريرية وصلت إلى 445 ألف برميل يوميًا، إذ كانت معظم مصافي البلاد متوقفة عن العمل أو تعمل بطاقة منخفضة.
يشار إلى أن إنتاج نيجيريا من النفط انخفض إلى 1.4 مليون برميل يوميًا خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي، مقابل 1.43 مليون برميل يوميًا في شهر أغسطس/آب السابق له.
أكبر مصفاة نفط في أفريقيا تدعم السوق المحلية
استطاعت أكبر مصفاة نفط في أفريقيا توفير نحو 18 مليون برميل من الخام المحلي، و9 ملايين برميل من خام غرب تكساس الوسيط منذ تشغيلها حتى منتصف العام الجاري، بحسب دراسة حديثة صادرة عن مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية “كابسارك“.
ويأتي ذلك في ظل آمال للحكومة النيجيرية أن يسهم تكرير النفط المحلي عبر مصفاة دانغوتي بتقليل الضغط على النقد الأجنبي وخفض أسعار الوقود، ورغم ذلك ما تزال المصافي المحلية تواجه تحديات في توفير النفط.
ورغم تشريع نيجيريا قانونًا يُلزم شركات التنقيب والإنتاج بتخصيص إمدادات كافية لمصافي التكرير، ما تزال الصادرات بالعملة الأجنبية تشكّل مصدرًا مهمًا لدخل شركات التنقيب -أغلبها دولية- التي تحتفظ -أيضًا- ببعض الديون المقوَّمة بالعملات الأجنبية، إضافة إلى عقود توريد دولية طويلة الأجل.
وفي ظل قيود الإمدادات المستمرة للحصول على النفط الخام، لجأت أكبر مصفاة نفط في أفريقيا إلى توفير احتياجاتها من خلال الاستيراد من الخارج، وفقًا للدراسة التي اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.
يشار إلى أن الحكومة النيجيرية، بسبب الضغوط الاقتصادية، ألغت دعم البنزين ليرتفع سعره في يونيو/حزيران من العام الماضي إلى متوسط 77 سنتًا للّتر الواحد، مقابل 52 سنتًا قبل إلغاء الدعم.
ومع بدء المصفاة توفير بعض المشتقات النفطية في السوق النيجيرية، أسهمت في تراجع ملحوظ بأسعار الديزل، إلّا أنه ما يزال هناك قلق من ارتفاع تكاليف الطاقة، وانعكاس ذلك على أسعار السلع والخدمات الأخرى.
سيناريوهات كابسارك للمصفاة
نظرًا لأن مصفاة “دانغوتي” شركة خاصة، فإنها في وضع تنافسي مع مستوردي المشتقات النفطية والمصافي المحلية الأخرى من أجل البقاء؛ ما يثير تساؤلات حول الإستراتيجية التنافسية المطلوبة للمصفاة لتحقيق أهدافها المستدامة المتمثلة في توفير منتجات بأسعار تنافسية محليًا ودوليًا.
ورصدت دراسة كابسارك 3 سيناريوهات لتقييم أكبر مصفاة نفط في أفريقيا، يتمثّل الأول بتشغيل المصفاة من النفط الخام النيجيري الخفيف الحلو بصورة كاملة، والثاني بتشغيل المصفاة لتحسين إنتاج البنزين، بعضّ النظر عن المواد الأولية، والثالث بتحسين صافي الهامش النقدي.
وفي السيناريو الأساس، تقدّر الدراسة هامش تكرير أكبر مصفاة نفط في أفريقيا بنحو 1.94 دولارًا لكل برميل مع إنتاج البنزين بكمية 157.45 ألف برميل يوميًا.
بينما يقدِّر سيناريو عائد البنزين المحسًّن عائدًا أعلى للبنزين يصل إلى 215.25 ألف برميل يوميًا، ولكنه غير مجدٍ اقتصاديًا، وقد يتسبب في خسارة تصل إلى 1.36 دولارًا لكل برميل، استنادًا إلى صافي هامش الربح النقدي.
أمّا سيناريو صافي هامش الربح النقدي، فيتمتع بأعلى هامش لكل برميل من النفط الخام، يُقدَّر بنحو 5.17 دولارًا، مع إنتاج البنزين بكميات تصل إلى 194.07 ألف برميل يوميًا.
وعند مقارنة مستوى الإنتاج المتوقع في السيناريوهات السابقة مع أحجام الطلب قبل إلغاء الدعم البالغة 420.75 ألف برميل يوميًا، وبعد إلغاء الدعم البالغة 304.09 ألف برميل يوميًا، فمن المتوقع عدم قدرة “دانغوتي” على تلبية الطلب المحلي للبنزين.
وترى دراسة كابسارك أنه في حالة معالجة كامل إنتاج النافثا في كل سيناريو وإضافتها إلى إنتاج البنزين، من المتوقع أن يصل الإنتاج إلى 235 ألف برميل يوميًا للسيناريو الأساس، و276 ألف برميل يوميًا في سيناريو البنزين المحسّن، و290 ألف برميل يوميًا في سيناريو الهامش النقدي المحسّن.
وبناءً على ذلك، يوفر سيناريو الهامش المحسّن أعلى مستويات من البنزين ليعزز المخزون، مع توقعات بسدّ الصافي المحلي فجوة الإمدادات الأخرى، بالإضافة إلى الواردات.
ويتطلب سيناريو الهامش النقدي المحسّن مزيج خام مكون من 36% من النفط الخام الحلو الخفيف، و48% من النفط الخام الحامض الخفيف، و16% من النفط الخام الحلو المتوسط.
ما دور السعودية؟
قد يسهم حصول أكبر مصفاة نفط في أفريقيا على متطلبات النفط الخام الحامض الخفيف البالغ 313.75 ألف برميل يوميًا من السعودية على شكل خام عربي خفيف، في مساعدة “دانغوتي” للتغلب على تحديات الإمدادات، مع تحسين أداء هوامش تكريرها.
وبعيدًا عن تكلفة النفط الخام، فإن معدل الشحن العالمي للنفط الخام متضمنًا النقل والنفقات اللوجستية الأخرى يتراوح بين 2 و4 دولارات للبرميل، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ومع قرب مسافة الشحن من السعودية إلى ميناء “ليكي” الذي تقع عليه مصفاة دانغوتي، فإن تكلفة الشحن البالغة 2.5 دولارًا للبرميل سوف تُترجم إلى سعر البيع الرسمي البالغ 5 سنتات للبرميل إلى المصفاة.
يشار إلى أن سعر البيع الرسمي يُحسَب على أنه الفرق بين سعر التكلفة والتأمين والشحن من درجة الخام المورّدة، وسعر الخام القياسي (برنت).
وتوصلت الدراسة إلى أن تأمين إمدادات مستدامة من المواد الخام، من شأنه أن يجعل أكبر مصفاة في أفريقيا قادرة على تحقيق تأثير إيجابي بسوق الصناعات التحويلية في نيجيريا، وهو ما أثبته فعلًا إنتاجها من الديزل الذي عزّز المنافسة وخفض أسعار التجزئة بنسبة 45%تقريبًا، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..