اقرأ في هذا المقال

  • روسيا لن تعود لمكانتها في سوق الغاز الأوروبية
  • هدف أوروبا بالتخلي عن الغاز يواجه تحديات الطلب وتنافسية التكلفة
  • العقود السارية بين غازبروم الروسية والعملاء الأوروبيين تصل لـ19 عقدًا
  • الشركات الأوروبية قد تضطر لشراء الغاز الروسي عند الحدود الأوكرانية

ما يزال الغاز الروسي أحد الموارد الرئيسة أمام الاتحاد الأوروبي لتلبية احتياجاته، رغم فقدان موسكو دورها بصفتها أكبر مصدّر للغاز إلى القارة العجوز، على خلفية غزوها الأراضي الأوكرانية.

ومع استمرار اعتماد الدول الأوروبية عليه، طرحت دراسة حديثة لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “أوابك” تساؤلًا: “هل تستطيع أوروبا الابتعاد نهائيًا عن غاز موسكو بحلول عام 2027، وفقًا لما حددته المفوضية الأوروبية؟”.

واستبعدت الدراسة التي حصلت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن) نجاح دول القارة العجوز في الاستغناء بصورة كاملة عن الغاز الروسي في الموعد المحدد وإخراجه من المعادلة، وهو ما أرجعته إلى أسعاره التنافسية والبنية التحتية القائمة، وعدم امتلاك بعض دول القارة قدرة الوصول للسوق العالمية للغاز المسال.

ومع ذلك، رجّحت عدم عودة روسيا لوضعها التاريخي بصفتها أكبر مورّد للغاز إلى دول الاتحاد الأوروبي، أو استحواذها على حصة سوقية كبيرة تجعلها ورقة ضغط لصالحها، كما كانت عليه من قبل غزو الأراضي الأوكرانية.

استمرار تدفّق الإمدادات الروسية إلى أوروبا

تقدّر الدراسة التي أعدّها الباحث المهندس وائل حامد عبدالمعطي، خبير الصناعات الغازية بمنظمة “أوابك”، أن الغاز الروسي قد يستمر في التدفق لسوق الاتحاد الأوروبي عبر أوكرانيا وتركيا بمعدل 28 مليار متر مكعب سنويًا حتى عام 2027، على أن يواصل التدفق بالمعدل نفسه قبل بداية عام 2030.

وعند احتساب واردات تركيا ضمن الإجمالي الأوروبي، من المتوقع أن تصل واردات أوروبا من غاز موسكو المتدفق عبر الأنابيب إلى 49 مليار متر مكعب سنويًا حتى عام 2027، منها 21 مليار متر مكعب لتلبية السوق التركية.

مستودع أستورا للغاز في ألمانيا- الصورة من رويترز

وبداية من عام 2030، ستكون هناك صعوبة في استيراد أوروبا للغاز الروسي مع بدء تطبيقها الحدود التي اعتمدتها المفوضية الأوروبية بشأن كثافة انبعاثات الميثان، التي يتخطاها -حاليًا- الغاز المنتَج في روسيا.

وفي الوقت نفسه، سيظل هدف أوروبا بالتخلي عن الغاز الروسي مرهونًا بمستقبل الطلب على الغاز في السوق الأوروبية، ومدى قدرتها على اعتماد مصادر بديلة للوقود الأحفوري.

ومن المتوقع استمرار الطلب على الغاز في السوق الأوروبية حتى عام 2030 على أقل تقدير، مع صعوبة اعتماد بدائل بتكلفة تنافس الغاز في القطاعات المستهلكة له.

ويتزامن ذلك مع وجود عقود سارية وقّعتها شركة غازبروم الروسية مع العديد من الشركات الأوروبية قبيل الأزمة الأوكرانية، ومعظم تلك العقود سينتهي بعد عام 2027 المحدد من المفوضية الأوروبية.

وبحسب بيانات دراسة أوابك، يصل عدد العقود السارية بين غازبروم الروسية والعملاء الأوروبيين إلى 19 عقدًا تتضمن توريد كميات تصل إلى 89.6 مليار متر مكعب سنويًا بحلول عام 2027، لتنخفض إلى 82 مليار متر مكعب سنويًا بحلول عام 2030.

ويشير ذلك إلى احتمال حدوث أزمة بين روسيا وأوروبا في السنوات المقبلة حول مستقبل التعاقدات والتسوية القانونية الخاصة بها، في حالة العمل على تنفيذ الموعد المحدد من المفوضية الأوروبية.

كيف تحصل أوروبا على الغاز الروسي؟

عند رصد الوضع في عام 2024، نجد أن روسيا مستمرة في ضخ الغاز إلى الاتحاد الأوروبي عبر أوكرانيا، بالإضافة إلى خط أنابيب “ترك ستريم” الذي يمرّ عبر تركيا بسعة 15.75 مليار متر مكعب سنويًا.

ومن المقرر انتهاء اتفاقية نقل الغاز عبر أوكرانيا بنهاية العام الجاري، ومع ذلك رجّحت الدراسة البحث عن مخرج قانوني وفني يضمن استمرار نقل الغاز الروسي عبر الأراضي الأوكرانية، دون تجديد الاتفاقية مع موسكو.

ويرصد الرسم البياني التالي -أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- واردات الغاز الأوروبية عبر الأنابيب خلال في أول 9 أشهر (2020- 2024):

واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز عبر الأنابيب في أول 9 شهور (2020 إلى 2024)

ومن بين الحلول المتوقعة، شراء الشركات الأوروبية الغاز عند الحدود الروسية الأوكرانية، على أن تتولى مسؤولية نقله عبر شبكة الغاز الأوكرانية للسوق الأوروبية.

ومن الحلول الأخرى، بيع الغاز الروسي إلى أذربيجان واستعماله محليًا، الأمر الذي يسمح للأخيرة بتصدير كميات أكبر من إنتاجها المحلي إلى السوق الأوروبية عبر ممر الغاز الجنوبي، وهو الحل الذي تدعمه أذربيجان وتعقد مفاوضات مع أوروبا وروسيا حوله.

وتأتي أهمية مسار نقل الغاز عبر أوكرانيا إلى توفيره لدول مثل النمسا، والتشيك، والمجر، وسلوفاكيا، وسلوفانيا، وكلّها ما تزال تعتمد بنسبة كبيرة على روسيا.

وترى الدراسة أنه حال التوصل إلى أيّ اتفاق جديد مع الشركات الأوروبية أو أذربيجان، من المتوقع أن يتدفق الغاز الروسي بكميات تتراوح بين 12 و15 مليار متر مكعب سنويًا، وهي الكميات التي حافظت موسكو على ضخّها عبر أوكرانيا سنويًا منذ مايو/أيار 2022.

وعلى صعيد خط أنابيب ترك ستريم، من المرجّح استمرار تدفّق الغاز عبره ما بين 14-15 مليار متر مكعب سنويًا، وسط العلاقات الدبلوماسية الجديدة بين روسيا وتركيا.

وفي حالة عدم استمرار تدفّق الغاز الروسي عبر أوكرانيا، من المتوقع تراجع إجمالي صادرات موسكو إلى أوروبا وتركيا لـ35 مليار متر مكعب سنويًا بحلول عام 2027.

ماذا عن الغاز المسال الروسي؟

على الجهة الأخرى، تعزز أوروبا وارداتها من الغاز المسال الروسي، إذ توضح بيانات وحدة أبحاث الطاقة أن حصة روسيا من الواردات الأوروبية ارتفعت إلى مستوى تاريخي بلغ 18.23% في المدة من يناير/كانون الثاني حتى سبتمبر/أيلول 2024، مقابل 13% بالمدة نفسها خلال 2023، وفقًا لما يرصده الرسم البياني التالي:

واردات الغاز المسال الأوروبية حسب المصدر

وقفزت واردات الغاز المسال الأوروبية من روسيا إلى 13.49 مليون طن في الأشهر الـ9 الأولى من 2024، مقابل 11.99 مليون طن في المدة المقارنة من 2023.

وتوقعت دراسة أوابك أن تسجل حصة الغاز الروسي من الواردات الأوروبية رقمًا قياسيًا جديدًا بنهاية العام الجاري.

ومنذ عام 2022، شهدت واردات أوروبا من الغاز المسال الروسي نموًا واضحًا، لتسجل نحو 19.5 مليار متر مكعب (14.3 مليون طن) في عامي 2022 و2023، ارتفاعًا من 17.48 مليار متر مكعب (12.8 مليون طن) في عام 2021.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.