تواجه الخطوط تحت البحر في بريطانيا تهديدًا بوقوع هجمات تخريبية روسية، على غرار ما حدث لخطي نورد ستريم لنقل الغاز الطبيعي من موسكو إلى أوروبا.

ووفق المعلومات لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تُعد بريطانيا مركزًا رئيسًا لشبكة الخطوط العالمية؛ إذ تنتقل كل البيانات حول العالم اليوم تقريبًا -أكثر من 99%- عبر خطوط تحت البحر.

كما يجري التعامل مع نحو 10 تريليونات دولار من التحويلات المالية من خلال نظام الخطوط كل يوم.

وتستورد بريطانيا اليوم -أيضًا- 15% من الكهرباء عبر الخطوط تحت البحر، و40% من الغاز عبر خطوط الأنابيب تحت البحر من النرويج.

تهديدات تواجه الخطوط تحت البحر

سلّط مقال نشرته صحيفة “ذا تيليغراف” البريطانية (The Telegraph) الضوء على التهديدات التي تواجه الخطوط تحت البحر؛ إذ وصفت ورقة بحثية لمركز أبحاث بوليسي إكستشينج (Policy Exchange) في عام 2017، شبكة البيانات تحت سطح البحر بأنها “لا غنى عنها وغير آمنة”.

وعلى هذه الخلفية، أشار كاتب المقال لويس بيدج، إلى أنه من المثير للقلق أن خطين للبيانات انقطعا في بحر البلطيق خلال عطلة نهاية الأسبوع، وأن هناك تخريبًا أو “عملًا هجينًا” مشتبهًا به.

ومن غير المرجح أن يلاحظ أي شخص في الدول المتضررة -فنلندا وألمانيا وليتوانيا والسويد- وجود مشكلة؛ إذ تستجيب شبكات البيانات العالمية على الفور تقريبًا لهذا النوع من الحوادث، فتجد طرقًا بديلة.

وحتى يُصلَّح خط ليتوانيا الممتد إلى جزيرة غوتلاند السويدية، فإن معظم حركة المرور إلى العالم الأوسع تعتمد على رابطها البحري الوحيد المتبقي إلى السويد.

يُذكر أن الوقت الذي يكون فيه انقطاع الخطوط مؤثرًا هو عندما تنقطع جميع الخطوط البحرية في دولة ما في وقت واحد؛ وهذا شائع نسبيًا في أماكن مثل غرب أفريقيا، حيث لا يوجد لدى العديد من الدول الصغيرة سوى خط واحد.

وهناك أكثر من 100 خط ينقطع كل عام؛ ولكن في بعض الأحيان يكون هناك تخريب واضح، كما حدث مع تفجير خط أنابيب الغاز نورد ستريم، رغم أن الفاعل وكيفية التخريب ما يزالان مجهولين.

وذكر المقال -الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- أن الاستفسار عن كيفية القيام بمثل هذه الأشياء سؤال مهم؛ إذ جرى تنفيذ تخريب نورد ستريم على أقسام من خط الأنابيب بين 70 و80 مترًا تحت السطح، وهذا عميق جدًا بالنسبة إلى الغوص البسيط المعتمد على الهواء المضغوط، لكن التقنيات الأكثر تقدمًا ستسمح للغواصين الذين يرتدون معدات ذاتية الاحتواء بالعمل في مثل هذه الأعماق.

ولن يحتاج الغواصون من هذا القبيل إلى أي سفينة كبيرة للعمل منها؛ إذ يكون اليخت العادي كافيًا إلى حدّ ما، ولا يتطلب أن يكون مزودًا بجهاز إرسال واستقبال التتبع البحري (نظام التعريف الآلي AIS) كما هو الحال مع السفن الأكبر حجمًا.

وبالتالي، لا يحتاج اليخت إلى إنشاء أي سجلات لوجوده في المنطقة بعد ذلك؛ ما يعني أن أي دولة لديها قوات عمليات خاصة ذات كفاءة عالية كان من الممكن أن تنفّذ تخريب نورد ستريم.

كيف تُهاجَم الخطوط تحت البحر؟

شدد المقال -الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة- على أن الهدف الأعمق بكثير من نورد ستريم سيتطلب إما غواصين مع مرافق دعم سطحية ثقيلة، وإما مركبة كبيرة يجري التحكم بها عن بعد (وإما مركبة غير مأهولة تحت الماء وإما غواصة دون طيار)، وهو الأرجح في هذه الأيام.

ويعني ذلك سفينة دعم كبيرة إلى حدٍ ما، على غرار السفينة الجديدة بروتيوس (Proteus) التابعة للأسطول الملكي المساعد، التي حصلت عليها بريطانيا خصوصًا لهذا النوع من العمل، أو سفينة روسية مثل يانتار (Yantar)، التي رُصدت الأسبوع الماضي وهي تتجول في وسط البحر الأيرلندي.

هذا النوع من القدرات أقل شيوعًا في مختلف أنحاء العالم مقارنةً بالغواصين التخريبيين، ولكنه ما يزال غير متقدم أو مكلفًا أو صعبًا، إذ يمكن بسهولة وبتكلفة زهيدة شراء السفن والآلات المناسبة من صناعة السفن البحرية، كما حدث مع “بروتيوس”.

ومع ذلك، فإن السفن من هذا النوع ملحوظة؛ فهي قادرة على إيقاف تشغيل أجهزة إرسال واستقبال نظام التعريف الآلي، أو تزوير المعلومات التي تنقلها، ولكن الخصوم الأكفاء قادرون على تتبع مكان السفينة على الرادار.

وتنتمي السفينة الروسية “يانتار” إلى إدارة أبحاث أعماق البحار، المعروفة -أيضًا- باسم وحدة “جي يو جي آي” (GUGI)، وهي منظمة سرية متحالفة مع البحرية الروسية، ولكنها منفصلة عنها.

وتضم وحدة “جي يو جي آي” السرية أسطولًا متنوعًا؛ ففي وقت سابق من العام الجاري (2024)، عادت الغواصة المتخصصة إيه-31، أو لوشاريك (Losharik)، إلى الخدمة بعد حريق مميت في عام 2019 أسفر عن مقتل 14 من طاقمها المكون من 25 فردًا.

ويتضح الطابع الحساس لعمل الغواصة من خلال رتبة القتلى؛ فقد كان جميعهم ضباطًا، ونصفهم من قادة الرتبة الأولى (رتبة الضابط مباشرة بعد الأدميرال).

سفينة يانتار الروسية
سفينة يانتار الروسية – الصورة من منصة “بي بي سي”

ما دور الغواصة الروسية لوشاريك؟

وفق المعلومات لدى منصة الطاقة المتخصصة، فإن هيكل الغواصة لوشاريك المضغوط مصنوع من صف من الكرات المصنوعة من التيتانيوم، وهو الشكل الذي يقاوم الضغط بصورة أفضل.

وتستطيع الغواصة الوصول إلى أعماق كبيرة، كما أن الدفع النووي الذي تتمتع به يعني أنها تستطيع العمل دون أن تصعد إلى السطح؛ وهي صغيرة للغاية بحيث لا يمكنها السفر لمسافات طويلة في المحيط، ولكن يُمكن حملها إلى العمل بوساطة سفينة نووية أكبر من البحرية العادية.

وتوقع كاتب المقال أنه يُمكن أن تصل لوشاريك أو إحدى غواصاتها الـ3 الشقيقات من طراز “جي يو جي آي” إلى أعلى خط بيانات أو خط أنابيب غاز أو شبكة توصيل كهرباء على أي عمق تقريبًا، دون أن تقترب هي أو سفينتها من السطح في أثناء الرحلة بأكملها من روسيا، ويمكنها بعد ذلك أن تفعل ما تريد، وتختفي دون أن تترك أثرًا كما جاءت.

وأضاف أن أسطول “جي يو جي آي” السري قد يضع شحنات تدمير مؤقتة هنا وهناك في المياه البريطانية قبل المغادرة، وعندما تنفجر الشحنات، فسيكون من الصعب أن نقول كيف وصلت إلى هناك.

ولكنه أعرب عن مخاوفه من أن بريطانيا تمتلك عددًا قليلًا من الغواصات الهجومية النووية، ولديها العديد من المهام الأخرى بخلاف مراقبة “جي يو جي آي”؛ كما تُعد الفرقاطات المضادة للغواصات في حالة يُرثى لها، وبالكاد مسلحة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.