يتخوّف البعض من أن يؤثر انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من انتخابات الرئاسة في أسواق الطاقة العالمية، لا سيما أن لدى كثيرين قناعة بأن الوقت ضيّق لنائبة الرئيس كامالا هاريس، وانتخاب زعيم جديد في الحزب الديمقراطي؛ إذ هناك 3 أشهر.

وأشار مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إلى ما حدث في بريطانيا وفرنسا، عندما جرى إعلان الانتخابات في تاريخ معين، وبسرعة البرق تمت الانتخابات وتغيّرت الحكومة، دون استعدادات طويلة.

جاءت تصريحات الدكتور أنس الحجي خلال حلقة جديدة من برنامج “أنسيّات الطاقة“، قدّمها على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، تحت عنوان: “مستقبل النفط في ظل التغيرات السياسية في الولايات المتحدة وبريطانيا”.

وأوضح أن ما حدث في بريطانيا وفرنسا، وهما من كبريات دول أوروبا، يمكن أن يحدث في أميركا وأي مكان آخر؛ إذ إن موضوع الوقت ليس مشكلة، لأن هناك أدلة كثيرة ضده، وانسحاب الرئيس جو بايدن -بغض النظر عن كل ما يشوبه من نظريات- يتطلّب إدراك أمور عديدة.

سياسات بايدن في أسواق الطاقة

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الدكتور أنس الحجي، إن جو بايدن في واشنطن منذ نحو 50 عامًا، وهو ثعلب سياسي محنك، بغض النظر عن الآراء أو المواقف تجاهه، أي يمكنه اللعب على حبال متعددة.

وأضاف: “لذلك رأيناه من جانب يقف مع سياسات تغير المناخ بقوة، وينفق أموالًا ضخمة على الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح والرياح البحرية تحديدًا، والسيارات الكهربائية، ويدعمها بقوة، لكن في الوقت نفسه شهد عهده ارتفاع إنتاج النفط الأميركي إلى أعلى مستوى في تاريخه، وكذلك إنتاج الغاز، وصادراته”.

الرئيس الأميركي جو بايدن – المصدر فورين بوليسي

وأوضح الدكتور أنس الحجي، أن الولايات المتحدة في عهد بايدن أصبحت من أكبر مصدري النفط في العالم، لذلك فهو تمكّن من اللعب على الحبلين معًا، لكنه سبق أن حاول القيام بعدد من الأمور، ووعد بأمور كثيرة عندما كان مرشحًا، وعندما أصبح رئيسًا لم يفِ بها.

وتابع: “إحدى مقولات الرئيس الأميركي، إنه سيخنق وسيقتل صناعة النفط الأميركية، ولكن وجدنا أن هذه الصناعة انتعشت في عهده، إذ إن الإنتاج وصل إلى أعلى مستوى له في التاريخ، وأسعار النفط ارتفعت بصورة كبيرة، كما تعلمون في 2022، لتصل إلى 130 دولارًا”.

ولفت الحجي إلى أن أسعار النفط ما زالت مرتفعة نسبيًا، فهي في حدود الثمانين الآن؛ لذلك فإن صناعة النفط والغاز الأميركية استفادت كثيرًا منه، ولكن سبق له أيضًا أن وعد بوقف التكسير الهيدروليكي، ولكن بالنظر إلى التفاصيل، يتضح أنه قصد وقف التكسير الهيدروليكي بالأراضي الفيدرالية فقط وفي كل التراخيص الجديدة التي ستأتي في المستقبل.

صناعة النفط

وأكد الدكتور أنس الحجي أن عهد بايدن شهد تلاعبًا كبيرًا، وانحازت رؤوس الأقلام في الإعلام، ولكن بالنظر إلى التفاصيل يتضح أنها لا تأثير لها في أرض الواقع، لأن الشركات حصلت على تصاريح بالآلاف، ويمكنها حفر عشرات الآلاف من الآبار على مدى 3 أو 4 سنوات دون أن ينطبق عليها القانون.

أزمة انسحاب بايدن من انتخابات الرئاسة

قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن المشكلة في انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من انتخابات الرئاسة هي أن كل من حوله أو يحاول الجلوس مكانه، يُعد متطرفًا بصورة كبيرة، فالمشكلة الأساسية أن انسحابه -من ناحية اليسار- يمكن النظر له على أنه متوسط أو معتدل.

وأضاف: “مثلًا؛ كامالا هاريس متطرفة جدًا، فلو نظرنا إلى كل ما قامت به تاريخيًا، وكل آرائها متطرفة، وحاولت مرات عديدة -عندما كانت المدعية العامة لولاية كاليفورنيا- محاكمة شركات النفط، بسبب تغير المناخ”.

كامالا هاريس
كامالا هاريس – الصورة من وكالة الصحافة الفرنسية (AFP)

وأوضح الدكتور أنس الحجي، أن كامالا هاريس لها تصريحات كثيرة في عام 2019، ضد التكسير المائي أو الهيدروليكي ومنعه في أميركا بالكامل، وإذا كانت هي المرشحة الديمقراطية فسيكون لها نائب، وكل الأسماء المرشحة لها نائبًا متطرفة.

وتابع: “كل من سيرشحون أنفسهم لمنافسة كامالا هاريس متطرفون، إلا شخصًا واحدًا، وهو سيناتور من وسط فرجينيا، التي تعد مشهورة بإنتاج الفحم، الذي كان دائمًا شوكة في حلق الديمقراطيين، لأنه دائمًا يقف في وجههم لحماية صناعة النفط والغاز والفحم”.

لذلك، وفق الحجي، فإن أثر انسحاب بايدن الآن في أسواق الطاقة العالمية، أنه سمح للمتطرفين ضد صناعة النفط والغاز بالدخول الآن.

ولفت إلى أن بايدن أدرك أهمية النفط والغاز للاقتصاد الأميركي، وبالنسبة إلى السياسة الخارجية الأميركية، فاستهلاكه المخزون الإستراتيجي في عام 2022، عندما أخرج منه 180 مليون برميل، يُعد إدراكًا كاملًا لأهمية النفط.

وأردف: “لذلك، لا يمكن القول إنه كان عدوًا للنفط، لأنه استعمله لصالحه، ولكن الإشكالية الآن أن كامالا هاريس وكل من سيأتي ومن حولهم متطرفون، وينظرون إلى الطاقة المتجددة تمامًا كما يحصل الآن في كاليفورنيا، التي تتوجه إلى محاكمة شركات النفط وخنق الصناعة بالكامل”.

الطاقة المتجددة في أميركا

وأشار الدكتور أنس الحجي إلى أن ولاية كاليفورنيا تتجه بالكامل إلى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والسيارات الكهربائية، وكانت أول ولاية أميركية تقرر عدم بيع أي سيارات جديدة عاملة بالبنزين بعد عام 2035، وهذا هو توجه كل الموجودين الآن على الساحة ويريدون القيام بدور بايدن إذا ربحوا الانتخابات.

لذلك، وفق الحجي، فإن غياب بايدن سيئ بالفعل بالنسبة إلى صناعة النفط والغاز الأميركية والعالمية، وهو خطر كذلك لأن التطرف موجود، وهذا التطرف سبق أن دفعت أوروبا ثمنه، ومنعها العالم، إذ يمكن النظر إلى بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا، التي تعاني بصورة كبيرة للعودة إلى الغاز والفحم.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.