رغم مرور أكثر من عامين ونصف العام على اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ما زالت قدرة قطاع الغاز في فرنسا على تجاوز ذروة الطلب خلال فصل الشتاء موضع شك.
وتشير التقديرات إلى قدرة فرنسا على تجاوز الشتاء الوشيك مع تلبية الاحتياجات المحلية وجزء في 3 بلدان مجاورة، لكن الأمر مرهون بخفض الطلب وزيادة كلٍّ من واردات الغاز والغاز المسال، ودور الطاقة المتجددة.
وفي شتاء العامين الماضيين (2023 و2022)، ساعد الشتاء الدافئ فرنسا -ثالث أكبر مستهلك للغاز بين دول الاتحاد الأوروبي- في تفادي أزمة عجز الإمدادات والقفزة المفاجئة بالأسعار.
ووفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، بلغ حجم مخزونات الغاز 123.9 تيراواط/ساعة في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري (2024)، في الوقت الذي تستورد فيه الغاز المنقول عبر الأنابيب من الدول المجاورة، والغاز المسال من الولايات المتحدة وروسيا وقطر.
استهلاك الغاز في فرنسا
أكدت شركة “جي آر تي غاز” (GRTgaz) الفرنسية المشغلة لشبكة خطوط أنابيب للغاز ومواطنتها “تيريغا” (Terega) كفاية الإمدادات وقدرة قطاع الغاز على الصمود حتى مع حلول شتاء قارس.
وجاء التأكيد بعد عمليات محاكاة مختلفة أظهرت أن منظومة الغاز قادرة، ليس فقط على تلبية احتياجات المستهلكين الفرنسيين، وإنما على دعم الدول الأخرى أيضًا، وفق منصة “إس آند بي غلوبال” (spglobal).
وارتكزت التوقعات الإيجابية على استمرار صادرات الغاز عبر الأنابيب من النرويج وهولندا وإسبانيا، فضلًا عن صادرات الغاز المسال.
يتزامن ذلك مع ارتفاع قدرات إعادة تغويز الغاز المسال في أوروبا (إعادة الغاز المسال إلى حالته الغازية) بحلول نهاية العام الجاري بنسبة 13% على أساس سنوي.
شروط رئيسة
يتطلّب تجاوز الشتاء المقبل دون أزمة طاقة دعمًا كبيرًا من واردات أوروبا من الغاز والغاز المسال من خارج القارة.
واشترطت “جي آر تي غاز” و”تيريغا” إدارة صارمة لمخزونات الغاز والحفاظ على الكفاءة في استهلاك الطاقة على نحو مماثل لشتاء العام المنصرم.
وحتى 21 أكتوبر/تشرين الأول كانت مرافق تخزين الغاز ممتلئة بنسبة 95%، في ارتفاع عن 86.2% في 19 أغسطس/آب.
لكن تقديرات المفوضية الأوروبية تشير إلى أن مخزونات الغاز توفر -عادة- ما يتراوح بين 25 و30% من الاستهلاك المحلي خلال أشهر الطقس البارد.
وبحسب الشركتين، يماثل مستوى المخزونات هذا العام سابقه في السنوات الماضية، بما يشير إلى قدرته على تغطية الاستهلاك خلال الأشهر الباردة وأواخر الشتاء أيضًا.
كما نجحت فرنسا خلال العام الماضي في تصدير ما يصل إلى 83 تيراواط/ساعة إلى بلجيكا وألمانيا وسويسرا.
وعادةً ما تستعمل دول أوروبا وحدات القياس “غيغاواط” و”تيراواط” في تعاملاتها المرتبطة بالغاز، علمًا أن (غيغاواط/ساعة = 3.2 مليون قدم مكعبة من الغاز)، و(تيراواط/ساعة = 3.2 مليار قدم مكعبة من الغاز).
ورغم ذلك، حذّر التقرير من حدوث عجز بالإمدادات في حالة وصول موجة برد في أواخر الشتاء مع زيادة استهلاك مخزونات الغاز في بداية الفصل البارد.
وفي تلك الحالة، ستظهر الحاجة إلى الحفاظ على المخزونات خلال النصف الأول من الشتاء، مع خفض الطلب لأغراض التدفئة المنزلية.
عوامل مساعدة
من المتوقع أن يواصل استهلاك الغاز في فرنسا انخفاضه إلى 320 تيراواط/ساعة سنويًا بحلول عام 2030، بدعم من إمدادات الطاقة المتجددة والغاز الاصطناعي منخفض الكربون.
كما يُتوقع أن يرتفع إنتاج الميثان الحيوي في فرنسا إلى 5 تيراواط/ساعة خلال الشتاء الوشيك، وهو ما يعادل إنتاج وحدة داخل محطة طاقة نووية.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- وجود فرنسا بين أكبر 10 منتجين للوقود الحيوي في العالم خلال عامي 2021 و2022:
وانخفض استهلاك الغاز في فرنسا بنسبة 11.4% على أساس سنوي في العام الماضي إلى 381 تيراواط/ساعة بسبب الطقس الدافئ ومخزونات الغاز.
وأيضًا، على مدار المدة بين عامي 2021 و2023، انخفض استهلاك الغاز بنسبة 20% أيضًا.
كما ساعد انخفاض أسعار الغاز التي اقتربت من مستوى أزمة الطاقة في 2022 في دعم مخزونات الغاز في فرنسا؛ إذ بلغ 40.81 يورو لكل ميغاواط/ساعة يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول.
الغاز في أوروبا
تتسق توقعات شركتي الغاز في فرنسا بشأن سبل تلبية الطلب المتوقع خلال الشتاء مع تصريحات لمسؤول أوروبي كبير رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، قال نائب المدير العام لشؤون الطاقة في المفوضية الأوروبية ماثيو بالدوين، إن القارة العجوز أحرزت تقدمًا جيدًا في الاستعداد للطلب الشتوي.
ومع بذل قصارى الجهد في تأمين مخزونات الغاز التي وصفها بالمصدر المهم للغاية، أكد ضرورة إجراءات من بينها استيراد الغاز المسال، وخفض الطلب على الغاز، ومنح دور أكبر لمصادر الطاقة المتجددة.
ويشكّل الغاز مصدرًا رئيسًا لاستهلاك الكهرباء في دول الاتحاد الأوروبي بنسبة 21.5%، وتعتمد عليه المنازل بنسبة 32.1% كون 40% من المنازل مرتبطة بشبكة الغاز الممتدة على مساحة 200 ألف كيلومتر.
لكن اتفاق عبور الغاز الروسي عبر أراضي أوكرانيا يقترب من نهايته في يناير/كانون الثاني من العام المقبل (2025)، وهو ما قد يثير مشكلات، كما أن أسعار الغاز أكثر عرضة للتقلبات بسبب التوترات الجيوسياسية العالمية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..