تتصدّر 5 ملفات خطة الأولويات على مائدة وزير البترول المصري الجديد، المهندس كريم بدوي، ضمن حكومة المهندس مصطفى مدبولي، التي أدت اليمين الدستورية اليوم الأربعاء 3 يوليو/تموز 2024.
وغادر المهندس طارق الملا، وزارة البترول، بعد قيادته القطاع خلال السنوات الماضية وتحقيق العديد من الإنجازات، إذ يُعد من أبرز الوزراء وأقدمهم خلال فترة حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي.
ويمتلك المهندس كريم بدوي خبرات كبيرة في قطاع النفط والغاز، وشغل العديد من المناصب ذات الصلة، أبرزها الرئيس الإقليمي لشركة “إس إل بي” SLB (شلمبرجيه سابقًا) في مصر والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وكان السيسي قد كلّف مدبولي بتشكيل حكومة جديدة من ذوي الكفاءات والخبرات والقدرات المتميزة، إذ أجرى الأخير خلال المدة الماضية مشاورات يومية، للاستقرار على الأسماء المطروحة في تشكيل الحكومة.
ورغم الظروف الاقتصادية الراهنة في مصر، فمن المتوقع ألا تشهد ملفات الوزارة وأولوياتها تغيرًا كبيرًا، في ظل تعويل الحكومة على قطاع النفط والغاز لقيادة النمو الاقتصادي للبلاد، وتأمين احتياجاتها من الطلب على الطاقة.
في التقرير التالي، تستعرض منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) عددًا من الملفات ذات الأولوية في خطة وزير البترول المصري بالتشكيل الحكومي الجديد:
تطوير حقل ظهر
يتصدر ملف تطوير حقل ظهر أولويات وزير البترول المصري الجديد كريم بدوي، في إطار الخطط الرامية إلى تلبية الطلب المحلي المتزايد الذي دفع البلاد إلى العودة مرة أخرى لاستيراد الغاز المسال، والعودة إلى التصدير في أقرب وقت، من أجل تأمين موارد دخل بالعملة الأجنبية.
وتخطط وزارة البترول بالتعاون مع شركة إيني الإيطالية لبدء حفر بئر جديدة في حقل ظهر خلال الربع الأخير من العام الجاري، من أجل مواجهة التناقص الطبيعي في الإنتاج.
وتخطط الحكومة لضخّ استثمارات بنحو 535 مليون دولار خلال العام المالي المقبل (يبدأ في 1 يوليو/تموز)، لتنفيذ أنشطة تنمية حقل ظهر وأعمال التشغيل.
وتتضمن خطة العمل الموضوعة تنفيذ عمليات التنمية في حقل ظهر، التي تشمل حفر البئر (ظهر-19) وإكمالها، وتطوير التسهيلات في محطة الإنتاج البرية التي تخدم الحقل، وتنفيذ مشروع لرفع كفاءة تشغيلها وربطها مع الضواغط الخاصة بمحطة الجميل ببورسعيد.
وسجّل إنتاج حقل ظهر المصري أكبر انخفاض منذ اكتشافه قبل نحو 9 سنوات، خلال الأشهر الـ5 الأخيرة، إذ بلغ نحو 1.9 مليار قدم مكعبة يوميًا.
ويرى المتحدث باسم وزارة البترول والثروة المعدنية في مصر، حمدي عبدالعزيز، أنّ انخفاض الإنتاج ظاهرة طبيعية للخزانات، والنسبة دائمًا تكون بحدود 15% سنويًا في المتوسط، وللتغلّب على خفض الإنتاج والتناقص الطبيعي تُجرى عملية تنمية عبر حفر آبار لرفع كفاءة الشبكة ومحطات المعالجة ومحطات الضغوط.
وتسعى مصر لزيادة الاستثمارات في حقل غاز ظهر، الذي يُشكّل نحو 40% من إنتاج الغاز في مصر، إلى 15 مليار دولار في غضون 3 سنوات، بزيادة 3 دولارات عن الخطة التي كانت موضوعة سابقًا، والمقدّرة بـ12 مليار دولار، من خلال حفر 5 آبار جديدة لزيادة إنتاجه.
وأدى حقل ظهر دورًا مهمًا في رفع إنتاج مصر من الغاز، لتنجح في تحقيق الاكتفاء الذاتي بحلول شهر سبتمبر/أيلول 2018، وتوجيه الفائض إلى التصدير، بعد أن تحولت لدولة مستوردة منذ عام 2015؛ جراء تراجع إنتاجها في ذاك الوقت.
ونجحت مصر وشركة إيني الإيطالية في بدء الإنتاج من حقل ظهر بعد 28 شهرًا منذ اكتشافه، وهو ما عدّته الحكومة رقمًا قياسيًا عالميًا، إذ بدأت البلاد الإنتاج التجريبي في 15 ديسمبر/كانون الأول عام 2017، ومن ثم افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الإنتاج رسميًا في 31 يناير/كانون الثاني 2018، بتكلفة استثمارية من المتوقع أن تصل إلى 15.6 مليار دولار.
مستحقات الشركات الأجنبية
يشكّل ملف مستحقات شركات الأجنبية إحدى أولويات وزير البترول المصري الجديد كريم بدوي، في إطار مساعي الحكومة لزيادة عمليات البحث والتنقيب عن النفط والغاز من أجل تأمين احتياجاتها المحلية وزيادة الصادرات.
وتسعى مصر خلال المدة الأخيرة إلى طمأنة شركات النفط الأجنبية، من خلال الوفاء بتعهداتها بسداد جزء كبير من مستحقاتها على دفعتين.
وبدأت الحكومة خلال شهر يونيو/حزيران 2024 سداد 25%، بما يعادل 1.2 مليار دولار من مستحقات شركات النفط والغاز الأجنبية العاملة بالبلاد، التي تبلغ 4.5 مليار دولار.
وكانت مصر قد سدّدت 1.5 مليار دولار من مستحقات شركات النفط الأجنبية في مارس/آذار الماضي، بعد انتعاش خزينة البلاد جراء صفقة رأس الحكمة، والاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
ويسهم بدء الحكومة المصرية بسداد مستحقات الشركاء الأجانب في زيادة استثماراتهم في مصر خلال المدة المقبلة، والعمل على الإسراع في تنمية حقول النفط والغاز الطبيعي.
وتشتري مصر حصة الشركاء الأجانب من إنتاجهم النفطي لتلبية الطلب المحلي على المشتفات النفطية، وتستورد بقية احتياجاتها من الخارج.
وكانت مستحقات الشركات الأجنبية العاملة بالاستكشاف والتنقيب واستخراج النفط والغاز لدى “الهيئة المصرية العامة للبترول” قد وصلت إلى 4.5 مليار دولار، وفق تقرير صندوق النقد الدولي.
التنقيب عن النفط والغاز
تسعى مصر لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي بنحو 8% خلال العام المالي المقبل، ليبلغ متوسط 5.7 مليار قدم مكعبة يوميًا، مقابل 5.3 مليار قدم مكعبة يوميًا، من خلال التوسع في عمليات الاستكشاف وربط الآبار الجديدة بخطوط الإنتاج.
وتخطط القاهرة لزيادة الاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط والغاز إلى 7.5 مليار دولار، في العام المالي المقبل -من 1 يوليو/تموز 2024 إلى 30 يونيو/حزيران 2025- من 6 مليارات دولار متوقعة في السنة المالية الحالية –تنتهي 30 يونيو/حزيران-، بارتفاع تبلغ نسبته نحو 25%.
وتستهدف مصر زيادة إنتاج النفط الخام، خلال العام المالي المقبل إلى 637 ألف برميل يوميًا، من 580 ألف برميل حاليًا، بزيادة تبلغ نسبتها نحو 9%.
ومن المأمول أن يعمل وزير البترول المصري الجديد المهندس كريم بدوي على تعزيز عمليات البحث والاستكشاف في مجالي النفط والغاز، لاستغلال ما تمتلكه البلاد من احتياطيات مؤكدة، والعمل مع الشركات العالمية على ضخ استثمارات جديدة في هذا المجال.
وتستهدف الحكومة توسيع رقعة الحفر الاستكشافي، وبالأخص في مياه غرب وشرق البحر المتوسط، بالإضافة إلى البحر الأحمر، مع بدء عمليات تطوير حقل نرجس الذي تصل احتياطياته لنحو 3 تريليون قدم مكعبة، ووضعه على خطوط الإنتاج قريبًا.
وضعت مصر خططًا استكشافية مكثفة بغرض زيادة الاحتياطيات المؤكدة من الغاز الطبيعي، خاصة في البحر المتوسط، من خلال حفر 35 بئرًا استكشافية خلال الأعوام المقبلة، باستثمارات نحو 1.5 مليار دولار.
وكانت مصر قد نجحت خلال العام الماضي بتحقيق 65 كشفًا جديدًا في الصحراء الغربية وخليج السويس ودلتا النيل وسيناء، توزعت بين 51 كشفًا للنفط، و14 كشفًا للغاز، كما استطاعت إضافة حقول جديدة على خريطة الإنتاج، منها 5 حقول للنفط الخام والغاز، تنتج نحو 15 ألف برميل خام ومكثفات يوميًا، و144 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميًا، بتكلفة استثمارية تصل إلى 307 ملايين دولار.
وشهد العام الماضي توقيع مصر 29 اتفاقية جديدة للبحث عن النفط والغاز، شملت حفر 87 بئرًا جديدة، باستثمارات يبلغ حدّها الأدنى 1.2 مليار دولار، و61 مليون دولار منح توقيع.
وحقّق قطاع النفط المصري خلال السنوات الـ9 الأخيرة عددًا من النجاحات، من بينها طرح عدّة مزايدات للتنقيب عن النفط والغاز، أثمرت توقيع 120 اتفاقية نفطية جديدة مع شركات عالمية، تُقدَّر استثماراتها بنحو 22.3 مليار دولار حدًا أدنى، وبمنح توقيع بلغت 1.34 مليار دولار.
كما نفّذ القطاع 53 مشروعًا لتنمية الحقول المكتشفة، باستثمارات بلغت نحو 33.7 مليار دولار، وهناك عدد من المشروعات الجديدة التي تُنَفَّذ لتنمية حقول الغاز الطبيعي والنفط الخام، باستثمار نحو 1.9 مليار دولار.
قطع الكهرباء في مصر
على الرغم من عدم مسؤولية وزير البترول عن ملف الكهرباء بصفة مباشرة، فإنه يشارك في تحمُّل تبعات الأزمة، إذ إنه مسؤول عن توفير الوقود اللازم لتشغيل محطات التوليد.
وستكون الحكومة الجديدة أمام اختبار حقيقي للوفاء بتعهدات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الذي وعد بالتوقف عن قطع الكهرباء في مصر قبل نهاية العام الجاري.
وأعلن مدبولي، خلال مؤتمر صحفي تابعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، مؤخرًا، وقف تخفيف أحمال الكهرباء بنهاية الأسبوع الثالث من يوليو/تموز الجاري.
ويشكّل وقود محطات الكهرباء صداعًا في رأس وزير البترول المصري الجديد كريم بدوي، إذ تتحمل وزارته نحو 240 مليار جنيه (5.09 مليار دولار) سنويًا لتوفير الوقود، في مقدّمتها تكلفة بين 70 مليارًا و80 مليار جنيه فرق تكلفة عن الغاز الطبيعي الذي يُوَرَّد لمحطات الكهرباء بأقل من تكلفته الفعلية (3 دولارات للمليون وحدة حرارية، في حين إن التكلفة الفعلية 4.25 دولارًا)، علاوة على نحو 40-45 مليار جنيه فرق تكلفة في كميات المازوت التي تُباع أيضًا بأقل من تكلفتها الفعلية (2500 جنيه سعر الطن في حين أنه يتكلف 11 ألف جنيه).
* الدولار يعادل 47.7 جنيهًا مصريًا.
ويستهلك قطاع الكهرباء في مصر نحو 60% من إمدادات الغاز الطبيعي، ويواجه القطاع تحديًا كبيرًا، إذ يبيع الكيلوواط من الكهرباء بأقل من تكلفته، رغم الزيادة الأخيرة في تكاليف التشغيل وسعر الصرف وغيرهما، ما يجعله غير قادر على سداد ثلثي فاتورة شراء الوقود لوزارة البترول التي تعادل تقريبًا 120 مليار جنيه سنويًا (2.55 مليار دولار).
دعم الوقود في مصر
تشكّل فاتورة استيراد الوقود واحدة من أكبر التحديات التي تواجه وزير البترول المصري الجديد، إذ تبلغ قيمة استهلاك البلاد من المشتقات النفطية نحو 55 مليار دولار سنويًا.
وتسعى الحكومة إلى خفض فاتورة استيراد المشتقات النفطية في ظل ارتفاع مستويات الطلب المحلي على المشتقات النفطية، من خلال العمل على زيادة إنتاج النفط وزيادة طاقة المصافي.
ونجح قطاع النفط على مدار السنوات الـ9 الماضية في تلبية احتياجات السوق المحلية، التي بلغت 692 مليون طن (5.052 مليار برميل) من المشتقات النفطية والغاز، وتحقيق استقرار كامل في توفيرها بالسوق المحلية، وإنهاء الأزمات والاختناقات.
ويصل حجم استهلاك مصر من الديزل إلى نحو 12 مليون طن سنويًا، والبنزين 6.7 ملايين طن، ما يضع وزير البترول المصري أمام تحدٍّ لتعزيز الاستثمارات في مجال البحث والاستكشاف، عن طريق طرح مزايدات للمناطق الواعدة ذات التقديرات العالية من الاحتياطيات النفطية.
وتستهلك مصر سنويًا من إمدادات الوقود بما يعادل 55 مليار دولار يوفرها قطاع النفط، بتكلفة فعلية تتراوح بين 20 مليارًا و22 مليار دولار، تمثّل تكاليف الشركات العالمية التي تنفقها في استخراج وإنتاج النفط والغاز، في حين تبلغ فاتورة الاستيراد بين 10 مليارات و12 مليار دولار سنويًا.
وتُشكِّل فاتورة دعم الوقود في مصر عبئًا إضافيًا على موازنة البلاد التي تواجه عدّة تحديات، في مقدّمتها زيادة التضخم وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار.
وعاد دعم الوقود في مصر إلى التفاقم مرة أخرى، ليبلغ نحو 150 مليار جنيه (3.18 مليار دولار)، العام المالي المقبل، بالتزامن مع ارتفاع التكاليف، بعد أن كان هذا الدعم يمثّل صفرًا في عام 2021 لكل أنواع الوقود، باستثناء أسطوانة الغاز المنزلي (غاز النفط المسال) التي كانت مدعومة بنحو 18 مليار جنيه (0.38 مليار جنيه).
وجاء ارتفاع فاتورة دعم الوقود في مصر بسبب زيادة التكلفة التي يدخل فيها أيضًا سعر النفط العالمي، الذي قفز من 60 دولارًا للبرميل إلى 80-85 دولارًا حاليًا؛ إذ إن لتر السولار (الديزل) الذي يدخل في كل الأنشطة والنقل والمواصلات يكلّف 20 جنيهًا، ويُباع بـ10 جنيهات؛ أي إن تكلفته ضعف ثمن بيعه، ومصر تستهلك منه 16-18 مليار لتر سنويًا؛ أي يُدعَم بنحو 60 مليار جنيه، في حين تبلغ تكلفة دعم البنزين نحو 4 جنيهات لكل لتر، أمّا أسطوانة الغاز المنزلي فتكلّف 300 جنيه، في حين إنها تباع بـ100 جنيه فقط.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..