تحدَّث وزير الطاقة الأردني، الدكتور صالح الخرابشة، عن أبرز التطوّرات المتعلقة بقطاع الطاقة في المملكة، وكيف تسير إستراتيجيته بنجاح نحو تأمين إمدادات الطاقة واستدامة الخدمات المقدّمة إلى المواطنين.
جاء ذلك في حوار مع منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، في أول تصريحات يُدلي بها الوزير بعد تجديد الثقة، واستمراره ضمن الحكومة الجديدة التي أدّت اليمين الدستورية يوم الأربعاء 18 سبتمبر/أيلول الماضي.
كما يتزامن نشر هذا اللقاء بعد ساعات من المؤتمر الصحفي العالمي الذي عقده الوزير أمس الثلاثاء 19 نوفمبر/تشرين الثاني، بخصوص التطورات الجديدة في حقل الريشة للغاز.
وتضمّن المؤتمر الكشف عن دراسة تقدير الاحتياطي من الغاز الطبيعي في حقل الريشة في المرحلة الثالثة منها “حساب المخزون الغازي” التي أعدتها شركة شلمبرجيه العالمية.
وتشير تقديرات احتياطيات الغاز في مكمن الحقل -التي تكون حسب التصنيفات العالمية المعتمدة (أعلى وأفضل وأقل)، وفي العادة يتم استعمال التقدير المتوسط بوصفه أفضل تقدير- إلى التقدير المتوسط بنحو 11.990 تريليون قدم مكعبة، ومعامل استخراج نسبته 39%، وبالتالي تبلغ الكميات القابلة للاستخراج منه 4.675 تريليون قدم مكعبة.
أما التقدير المتحفظ، أي أقل تقدير لحجم الاحتياطي من الغاز الطبيعي في مكمن الحقل، فيبلغ 9.39 تريليون قدم مكعبة، ومعامل استخراج يبلغ 30%، وتبلغ الكميات القابلة للاستخراج من المكمن 2.835 تريليون قدم مكعبة. في حين يبلغ أعلى تقدير لاحتياطي الغاز في الحقل 14.600 تريليون قدم مكعبة، ومعامل استخراج نسبته 43%، وتبلغ كميات الغاز القابلة للاستخراج 6.350 تريليون قدم مكعبة.
هذا الاحتياطي في كل تقديراته المشار إليها أعلاه، من شأنه دعم أمن الطاقة في المملكة، وتقليل فاتورة الاستيراد، إذ تبذل الوزارة جهودًا مكثّفة على كل الأصعدة، لتكثيف عمليات الحفر والتنقيب عن النفط والغاز، وتطمح إلى زيادة كميات الغاز المكتشفة بحقل الريشة.
ولدى شركة البترول الوطنية الأردنية خطة واضحة لتطوير الاحتياطيات في حقل الريشة، تستهدف حفر 70 بئرًا حتى عام 2029، وتشمل هذه الخطة حفر 26 بئرًا تطويرية لإنتاج 150 مليون قدم مكعبة يوميًا في عام 2029.
وفيما يلي نصّ الحوار مع وزير الطاقة الأردني الدكتور صالح الخرابشة:
ما أبرز التكليفات التي حصلتم عليها في ضوء أولويات الحكومة الجديدة؟
أكد كتاب التكليف السامي لجلالة الملك عبدالله الثّاني بن الحُسَين لحكومة دولة الدكتور جعفر حسان، أن المشروعات الكبرى في القطاعات، مثل الطاقة، يجب أن تكون في مقدّمة جهود الحكومة لتحقيق التنمية والنمو.
مع تأكيد أهمية التوسع في الطاقة المتجددة والخضراء، ومنها الهيدروجين الأخضر، لتحقيق التحول نحو الطاقة النظيفة والمستدامة.
وفيما يتعلق بقطاع التعدين، فقد أُشيرَ إليه في كتاب التكليف كونه قطاعًا واعدًا في النمو الاقتصادي، مع التركيز على الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية مثل الغاز الطبيعي، وتسريع الاستعمالَين التجاري والصناعي.
كما وجّه الكتاب الاستثمارات في قطاع الطاقة لتسريع الاستعمالات التجارية والصناعية، مع تسهيل وتشجيع الاستثمارات المحلية والدولية في هذا المجال.
ونحن بدورنا نؤكد دور الطاقة الخضراء والمتجددة في تسريع التحول إلى مصادر طاقة نظيفة، وهي جزء من رؤية التنمية المستقبلية للاقتصاد الأردني.
ما ملامح خطّتكم قصيرة المدى وطويلة المدى للنهوض بقطاع الطاقة الأردني؟
أطلقت الوزارة في شهر يوليو/تموز من عام 2020 الإستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة للأعوام (2020-2030)، التي تهدف بصفة رئيسة إلى زيادة الاعتماد على المصادر المحلية للطاقة، وفي ضوء العمل على تنفيذ هذه الرؤية، اعتُمِدَت عدّة مشروعات ضمن الخطة التنفيذية للإستراتيجية.
واستهدفت الإستراتيجية رفع إسهام الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة إلى %14، وقد تحقّقت هذه النسبة في عام 2023.
كما استهدفت الوصول بإسهامات الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء إلى 31% بحلول عام 2030، في حين وصلت هذه النسبة عام 2023 إلى 26%.
وتضمّنت الخطة التنفيذية أيضًا مشروعات لزيادة استعمال الغاز الطبيعي في القطاعات المختلفة، مثل قطاع الصناعات، وذلك عن طريق تحسين البنية التحتية من شبكة الأنابيب، لتصل إلى التجمعات الصناعية، لما في ذلك من تحسين لنوع الوقود المستعمَل في هذه القطاعات ودورها في خفض الانبعاثات الكربونية.
يأتي ذلك فضلًا عن مشروعات توليد الغاز الطبيعي المضغوط من حقل الريشة الغازي لزيادة إسهام المصادر المحلية في الطاقة المستهلكة.
ماذا عن شبكة الكهرباء ضمن هذه الإستراتيجية؟
شملت الإستراتيجية أيضًا تطوير شبكة الكهرباء المحلية وتوفير البنية التحتية اللازمة، لرفع إسهام مشروعات الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء، من خلال مشروع تخزين الكهرباء عبر ضخ المياه بطاقة تبلغ 450 ميغاواط، وبسعة تخزينية تمتد حتى 7 ساعات يوميًا.
ويجري حاليًا في شركة الكهرباء الوطنية العمل على إعداد نماذج العطاء للمشروع.
وتعمل وزارة الطاقة والثروة المعدنية حاليًا على تحديث إستراتيجية قطاع الطاقة، بما يتواءم مع تحقيق أولويات رؤية التحديث الاقتصادي وتجسيد المستجدات التي ظهرت في القطاع خلال الأعوام الماضية.
ما أبرز ملامح الإستراتيجية المُحدَّثة؟
أبرز هذه التحديثات، تضمين مشروعات توليد الكهرباء من الهيدروجين الأخضر في الخطة التنفيذية.
نجحتم خلال مسيرتكم الحالية في توفير الوقود وإدامة الخدمة الكهربائية دون انقطاع، فهل هناك خطوات جديدة لاستمرار دعم الوقود، خاصة الكهرباء، بالنسبة إلى محدودي الدخل؟
استنادًا إلى توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، جُمِّدَت الضريبة المقطوعة على مادة الكاز (الكيروسين) خلال فصل الشتاء، وبناءً على توجيهات الحكومة، استمرَّ تجميد الضريبة على مادة الكاز والإبقاء على سعره عند 620 فلسًا للّتر.
كما يستمرّ حاليًا دعم أسطوانة غاز النفط المسال (غاز الطهي) للاستعمال المنزلي بوزن (12.5 كغم) عند سعر 7 دنانير للأسطوانة الواحدة.
وفي مجال دعم الكهرباء، تُقدّم الوزارة عدّة خدمات على حساب فلس الريف بموجب الأسس المعتمدة لإيصال التيار الكهربائي من قبل مجلس الوزراء التي يجري التعديل والإضافة عليها بموافقة مجلس الوزراء بما يتماشى مع الطلب والحاجة لدى المجتمع الأردني.
وتُسهم هذه الخدمات في الوصول بنسبة توصيل الكهرباء لما يقارب الـ99.9% من المواطنين في المملكة، ومن هذه الخدمات:
- خدمة تركيب الأنظمة الشمسية غير المرتبطة مع الشبكة الكهربائية لمنازل الأسر الفقيرة مجانًا وباستمرار، على حساب فلس الريف ضمن عطاءات تُطرَح من قبل وزارة الطاقة والثروة المعدنية.
- خدمة تركيب الأنظمة الشمسية المرتبطة مع الشبكة الكهربائية لمنازل المنتفعين من صندوق المعونة الوطنية والأسر الفقيرة (منازل المكرمة الملكية) مجانًا وباستمرار، على حساب فلس الريف ضمن عطاءات تُطرَح من قبل وزارة الطاقة والثروة المعدنية.
كما يمتاز قطاع الكهرباء بمتابعته الحثيثة لنوعية الخدمة المقدّمة وجودتها، ومتابعة الشكاوى والاستدعاءات المقدّمة من قِبل المواطنين بخصوص انقطاع التيار الكهربائي، والعمل على استدامته طوال الساعات الـ24.
متى تتوقعون تنفيذ أول مشروع للهيدروجين الأخضر؟
وقّعنا اتفاقية إطارية واحدة و13 مذكرة تفاهم مع مطورين محتملين لمشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في الأردن، لتمكينهم من السير في دراسة جدوى مشروعاتهم.
وقدَّم 6 مطورين التقارير الفنية الأولية لمشروعات الهيدروجين الأخضر المقترحة من قِبلهم، والمناطق المطلوبة لذلك.
ويجري العمل على تحديد مناطق معينة لكل شركة للسير بدراسات الجدوى في تلك المناطق لغايات إنشاء مشروعات الطاقة المتجددة المطلوبة لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته.
ومن المتوقع تنفيذ أول مشروع للهيدروجين الأخضر خلال المدة (2028-2030).
كيف ترون فرص التعاون العربي والإقليمي في قطاع الطاقة خاصة الربط الكهربائي المشترك؟
تعمل الوزارة على تعزيز مشروعات الربط الكهربائي، إذ تمّ تشغيل مشروع الربط العراقي للمرحلة الأولى بقدرة 40 ميغاواط، ويجري العمل حاليًا على استكمال المرحلة الثانية بقدرة 150 ميغاواط، لتدخل الخدمة منتصف العام المقبل.
ويجرى العمل مع الجانب المصري على إعداد الدراسات اللازمة لتعزيز الربط الكهربائي بين البلدين، والعمل مع الجانب الفلسطيني لمضاعفة قدرة التزويد من 80 إلى 160 ميغاواط، والمتابعة مع الجانب السعودي لتوقيع الاتفاقيات اللازمة للمباشرة بتنفيذ مشروع الربط بين البلدين.