تتوسع سوق الغاز المسال العالمية، مع تزايد الطلب من المشترين الجدد، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، ما جذب العديد من شركات النفط إلى القطاع، لكن استمرار النمو ما يزال يواجه عدّة تحديّات.
وارتفعت تجارة الغاز المسال العالمية إلى مستوى قياسي جديد، عند 401.4 مليون طن سنويًا، خلال عام 2023، بزيادة 2.1% على أساس سنوي.
وعلى الرغم من الطلب المتزايد على الغاز المسال، ما يزال هناك تمويل كافٍ متاح لدعم المشروعات الجديدة التي من شأنها زيادة الإمدادات، وتوسيع البنية الأساسية لاستيراده.
ومع التوقعات المتفائلة بشأن استمرار نمو سوق الغاز المسال العالمية، كشف تقرير -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- 3 تحديّات رئيسة، من الضروري معالجتها لضمان استدامة نمو هذا القطاع على المدى الطويل.
1- تحديات إمدادات الغاز المسال
من المرجّح أن تشهد أوائل العقد المقبل ضخ كميات إضافية لسوق الغاز المسال العالمية، مع توقعات ارتفاع الطلب، ولكن احتمال تلبيته مهدد بالعديد من التحديّات التي قد تؤثّر في إمدادات جديدة تصل إلى 60 مليون طن سنويًا، بحسب تقرير صادر عن شركة أبحاث الطاقة (وود ماكنزي).
وعلى سبيل المثال، يواجه مشروع ريو غراندي، الذي تقوده شركة نيكست ديكيد، عقبات قانونية تتعلق بإلغاء محكمة أميركية لترخيصه الحالي من لجنة تنظيم الطاقة الفيدرالية، بداعي عدم إصدار بيان تكميلي للأثر البيئي.
ومع تقدّم أعمال بناء المرحلة الأولى من المشروع (3 وحدات إسالة)، قد تؤثّر نتيجة قرار المحكمة في الجدول الزمني بقرار الاستثمار النهائي لوحدة الإسالة الرابعة.
وبصفة عامة، قد يكون للتحديات القانونية تأثير أوسع بمشروعات ما قبل الاستثمار النهائي في أميركا، ما يزيد من حالة عدم اليقين المحيطة بالموافقات على التصدير.
وأسهم “التوقف المؤقت” الذي أعلنته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن موافقات التصدير في يناير/كانون الثاني 2024 في حالة عدم اليقين هذه، ولكن من المتوقع رفعه بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، رغم عدم وضوح وتيرة سرعة وتطوير الإطار العام لهذه الموافقات.
ومن ناحية أخرى، يواجه تشغيل مشروع أركتيك 2 للغاز المسال، والذي أُطلِقَ رسميًا يوليو/تموز 2024، عقبات ضخمة بسبب التأثير المستمر للعقوبات الغربية، بعد غزو أوكرانيا.
ونتيجة لذلك، أصبحت آفاق تطوير قطاع الغاز المسال الروسي غير مؤكدة، وفي الوقت نفسه، يكافح القطاع في موزمبيق لإحراز تقدّم وسط مخاوف سياسية وأمنية.
ورغم استعداد قطر والإمارات لتقديم إمدادات إضافية، ما سيساعد في تخفيف بعض الضغوط على سوق الغاز المسال العالمية، فإن توقيت الموجة التالية من نمو الإمدادات أصبح أقل وضوحًا من السابق.
2- حجم الطلب غير واضح
في حين إن احتمالات نمو الطلب الآسيوي في المستقبل واعدة، ما تزال هناك شكوك تحيط بحجمه، فالطفرة الحالية في واردات الاقتصادات الناشئة في آسيا، التي زادت بنسبة 15% في الأشهر الـ8 الأولى من 2024، تعدّ أمرًا مشجعًا، وبالرغم من ذلك يمكن أن تؤدي المخاوف المتعلقة بسلسلة التوريد إلى تآكل ثقة المشترين بسرعة.
وما يزال العديد من الأسواق الرئيسة في آسيا شديد الحساسية للأسعار، وإذا فشل نمو المعروض في تلبية التوقعات، فقد لا تتحقق إعادة التوازن بالسلاسة المتوقعة لهذه الصناعة بحلول 2026.
وفي حالة عدم كفاية إمدادات سوق الغاز المسال العالمية لنمو الطلب، من المرجّح استمرار ارتفاع الأسعار الفورية والتعاقدية، ما قد يجعل التحول عن الفحم أقل جاذبية للأسواق الآسيوية.
علاوة على ذلك، قد يؤدي هذا الاتجاه إلى تقويض الاستثمار المطلوب لإطلاق إمكانات نمو الطلب على الغاز المسال والبنية التحتية في آسيا.
3- تحدي الانبعاثات
مع تحول اهتمام العالم إلى الحدّ من الانبعاثات، تواجه سوق الغاز المسال العالمية تدقيقًا متزايدًا بشأن بصمتها الكربونية، ويقود الاتحاد الأوروبي هذه الجهود.
ويطالب الاتحاد الأوروبي بالإبلاغ عن انبعاثات الميثان من جميع الواردات الهيدروكربونية، مع احتمال فرض عقوبات على عدم الامتثال.
ومن المحتمل فرض ضريبة على مستوى الاتحاد الأوروبي على انبعاثات الميثان من سوق الغاز المسال، وقد تُتخذ تدابير أوسع نطاقًا -قد يحتذي بها الآخرون- للحدّ من انبعاثات واردات الغاز المسال مستقبلًا.
ولذلك، تنصح وود ماكنزي صناعة الغاز المسال باغتنام الفرصة التي يتيحها ارتفاع أسعار ائتمانات الكربون، لخفض الانبعاثات، ما يسمح للقطاع بترسيخ مكانته عنصرًا حاسمًا في الانتقال إلى مستقبل منخفض الكربون.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..