اقرأ في هذا المقال
- زيادة الواردات لم تؤثّر في التوسع بتوليد الكهرباء بالغاز في الصين
- حصة الغاز في مزيج الكهرباء الصيني تقف عند 3% منذ عام 2015
- شهدت الصين توسعًا في توليد الكهرباء باستعمال طاقة الرياح والطاقة الشمسية
- أسعار الغاز المسال تصعِّب استبداله بالفحم في توليد الكهرباء
يُنظر إلى توليد الكهرباء بالغاز في الصين -عادةً- بصفته مجالًا رئيسًا لتخفيض الانبعاثات في البلاد، إذ يشير المؤيدون لذلك بأنه يمكن أن يكون بمثابة جسر للتحول نحو مصادر الطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على الفحم.
وبصفتها أكبر مستهلك ومستورد للفحم في العالم، غالبًا ما يُشار إلى الصين بصفتها نموذجًا رئيسًا لإمكان إحلال الغاز الطبيعي محل الفحم في توليد الكهرباء.
ورغم ذلك، فإن الواقع يبدو أكثر تعقيدًا، فخلال السنوات السابقة، لم تؤدِّ واردات الغاز الطبيعي المسال إلى التوسع بتوليد الكهرباء بالغاز في الصين، أو إلى انخفاض كبير لحصّة الفحم بمزيج الكهرباء، وفق تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
ونتيجة لذلك، تتزايد الشكوك حول قدرة واردات الغاز الطبيعي المسال على أن تكون -إلى جانب 3 أسباب أخرى- مُحركًا مهمًا لإزاحة الفحم من قطاع الكهرباء في الصين، ويمكننا استعراض الأسباب الـ4 كالتالي:
1- ضعف تأثير واردات الغاز المسال
لم ينخفض الاعتماد على الفحم في توليد الكهرباء في الصين، رغم ارتفاع واردات الغاز المسال، بل على العكس من ذلك، استمر طلب الصين على الفحم في الارتفاع منذ عام 2017، متجاوزًا نمو واردات الغاز الطبيعي المسال، بحسب تقرير حديث صادر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي (IEEFA).
وارتفعت واردات الصين من الغاز المسال بنسبة 12.5%، لتصل إلى 72 مليون طن خلال العام الماضي، بحسب بيانات منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك).
وفي حين إن بعضهم قد يجادل بأن الغاز المسال يؤدي دورًا رئيسًا في تقليل اعتماد الصين على الفحم، فإن الأدلة تشير إلى خلاف ذلك، وفق ما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
فعلى الرغم من كونها أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم، لم يحدث توسع في توليد الكهرباء بالغاز في الصين بشكل كبير، حيث ظلت حصة الغاز في مزيج الكهرباء راكدة نسبيًا عند 3% منذ عام 2015.
وفي الوقت نفسه، ما تزال محطات الكهرباء الجديدة التي تعمل بالفحم تُضاف بمعدل أسرع إلى الشبكة من تلك التي تعمل بالغاز في الصين.
2- نمو مصادر الطاقة المتجددة
كان تراجع حصة توليد الكهرباء بالفحم في الصين في السنوات الماضية مدفوعًا في المقام الأول بالتوسع في التوليد من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وليس الغاز.
وفي حين ظل توليد الكهرباء بالغاز في الصين مستقرًا نسبيًا، تضاعفت مساهمة طاقة الرياح والطاقة الشمسية في مزيج الكهرباء 4 مرات خلال السنوات الـ8 الماضية.
وارتفع إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في الصين بمقدار 1250 تيراواط/ساعة منذ عام 2015، وفي المقابل، شهد توليد الكهرباء بالغاز في الصين زيادة متواضعة بلغت 140 تيراواط/ساعة خلال المدة نفسها، بينما زاد التوليد بالفحم بمقدار 1700 تيراواط/ساعة، ولكن انخفضت حصّته بمزيج الكهرباء من 70% إلى 61%.
وتشير هذه النتائج إلى أنه على الرغم من عدم إزاحة الكهرباء المنتجة باستعمال الفحم بالكامل، فإن نمو التوليد من طاقة الرياح والطاقة الشمسية يسهم بصورة أكبر من توليد الكهرباء بالغاز في الصين بالحدّ من هيمنة الفحم على مزيج الكهرباء.
3- تقييد الاعتماد على الغاز المستورد
تهدف السياسات الأخيرة للحكومة الصينية إلى تعزيز أمن الطاقة وموثوقيتها بشكل كبير، اعتمادًا على زيادة إنتاج الفحم والغاز الطبيعي، بدلًا من الاعتماد على الغاز الطبيعي المسال المستورد.
وتماشيًا مع هذه الأهداف، وتعزيز الإنتاج المحلي للفحم، تفوقت إضافات سعة توليد الكهرباء بالفحم على نظيرتها من الغاز، كما تفوقت قدرة الطاقة المتجددة على الاثنين (الفحم والغاز).
وأكدت خطط تطوير قطاع الطاقة الوطنية في الصين أهمية توفير المرونة لمحطات الكهرباء التي تعمل بالفحم لدمج مصادر الطاقة المتجددة في الشبكة، كل هذا يؤكد أن الغاز لا يحلّ محلّ الفحم في قطاع الكهرباء.
4- أسعار الغاز عائق
فيما يتعلق بالتكلفة، فإن أسعار الغاز الطبيعي المسال تجعل من الصعب عليها أن تحلّ محلّ الفحم بشكل كبير بصفة مصدر أساس لتوليد الكهرباء.
وفي عام 2023، بلغ متوسط سعر استيراد الغاز الطبيعي المسال في الصين 3 أضعاف تكلفة إمدادات الفحم، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ومع دخول إمدادات جديدة إلى السوق مستقبلًا، من المتوقع أن تنخفض أسعار الغاز المسال، لكن حتى مع انخفاض الأسعار، فإنه من غير المرجّح أن تتراجع إلى مستويات تنافسية مع الفحم الذي ما يزال خيارًا أرخص لتوليد الكهرباء.
وتميل الكهرباء المنتجة باستعمال الفحم إلى أن تكون أرخص بكثير من توليد الكهرباء بالغاز في الصين، حيث يتراوح سعرها بين 30 و40 دولارًا لكل ميغاواط/ساعة.
وفي الوقت نفسه، برزت طاقة الرياح البرية والطاقة الشمسية بصفتهما مصدرين لتوليد الكهرباء في البلاد بأسعار معقولة؛ ما يجعل الطاقة المتجددة قادرة على المنافسة بشكل متزايد مع الوقود الأحفوري.
وهذا يشير إلى أن انخفاض تكاليف تقنيات الطاقة المتجددة وحلول تخزين الكهرباء يمثّلان تهديدًا كبيرًا أمام تعزيز توليد الكهرباء بالغاز في الصين.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..