اقرأ في هذا المقال
- “فورتسكيو” تخلّت عن مستهدفات إنتاج الهيدروجين الأخضر في 2030
- الشركة أبقت على هدف إنتاج 15 مليون طن هيدروجين أخضر.. دون سقف زمني
- قرار بتسريح 700 موظف للشركة في أنحاء العالم
- الشركة ستركّز على 4 مشروعات فقط، في: أميركا وأستراليا والبرازيل
- القرارات تهدد التعاون في مشروعات الهيدروجين بدول عربية وأفريقية وآسيوية
- علامات استفهام حول اتفاق الشركة مع مكتب الشريف المغربي للفوسفات
انضمت شركة أسترالية إلى ركب عدد من الشركات العالمية المشككة في تنفيذ مستهدفات الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، ما يهدد مصير مشروعات وتطلعات عوّلت على دعم الشركة الفني والمالي والمعرفي.
وبعد أن كان الحديث عن ريادة مصر والمغرب أفريقيًا في مشروعات إنتاج الوقود النظيف، قلبَ قرار لشركة فورتسكيو (Fortescue) الأسترالية الطاولة فيما يبدو أنه سيطيح بهذه الطموحات، حسب متابعة من جانب منصة الطاقة المتخصصة -ومقرّها واشنطن- لتطورات مشروعات الهيدروجين العربية.
ولم يقتصر الأمر على تهديد مشروعات القاهرة والرباط فقط، بل طال دولًا أفريقية وعربية وآسيوية أخرى مهّدت طريقها للتوّ نحو التوسع في آفاق الهيدروجين الأخضر، بسبب قرارات شركة ” فورتسكيو” الأسترالية ورئيسها التنفيذي الملياردير “أندرو فورست” -الصادرة مؤخرًا-، والتي أصابت الصناعة في مقتل.
تغير رؤية الهيدروجين الأخضر
خطَّط الملياردير أندرو فورست لتحويل “فورتسكيو” من شركة أسترالية رائدة في صناعة الحديد إلى مركز أو محطة كبرى لإنتاج الهيدروجين الأخضر عالميًا.
وبعد توسّع الشركة في اتفاقيات مشروعات ومذكرات تفاهم على مستوى العالم، صُدِم المعنيون بتراجعها عن الالتزام بسقف زمني -2030- لتحقيق مستهدفات إنتاج 15 مليون طن من الوقود النظيف سنويًا.
وفيما يبدو أنه تقليص وتحجيم لنشاط الشركة الأخضر، تضمَّن القرار أيضًا الاستغناء عن 700 موظف تابعين لها على الصعيد العالمي (4.5% من طاقة موظفيها) نهاية شهر يوليو/تموز الجاري، في حين يبدو أن فورتسكيو أدركت “عدم واقعية” أهدافها للتطوير الأخضر، وفق ما نقله موقع فايننشال تايمز قبل أيام (Financial Times).
ولم يتخلَّ أندرو فورست تمامًا عن الهيدروجين الأخضر، لكنه عزَّز بقراره من تباطؤ الانتقال الهيدروجيني لشركته، إذ ما زال متمسكًا بهدف إنتاج 15 مليون طن سنويًا من الوقود النظيف، لكن دون الالتزام بسقف زمني.
وتعدّ القرارات الخاصة بالإنتاج وتسريح الموظفين مؤشرًا مثيرًا للمخاوف، خاصة أن فورتسكيو لم تقتصر مشروعاتها على الصعيد المحلي فقط في أستراليا، لكنها انتشرت في قارات عدّة.
ويشكّل القرار هزة قوية لخطط حزب العمال الذي خصَّص ما يزيد عن 8 مليارات دولار من أموال دافعي الضرائب، لتحويل أستراليا إلى دولة رائدة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، وفق موقع الإلكتروني لشبكة التلفاز الأسترالي إس بي إس (SBS).
وأربك قرار “فورتسيكو” خطط الطاقة الأسترالية إذ دفعت المعارضة باتجاه التوسع في الطاقة النووية، في حين انتقد محللون استعمال الهيدروجين لأغراض “الغسل الأخضر” وزيادة صادرات الغاز المنتج أحفوريًا.
انتكاسة مقلقة
يُنظر إلى قرارات “فورتسكيو” الأخيرة بوصفها غريبة بعض الشيء، خاصةً أن شركة أسترالية رائدة بحجمها اشتهرت خلال السنوات الأخيرة بدعم الطاقة النظيفة.
وطالما أبدى “أندرو فورست” تفاؤله حول مستقبل الهيدروجين الأخضر بصفته وقودًا نظيفًا يُنتج اعتمادًا على الطاقة المتجددة، ويعوّل عليه في استعمالات النقل والصناعات الثقيلة بدلًا من الوقود الأحفوري.
ويفسّر اندفاع فورست تجاه مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الاندهاش من التراجع عن مستهدفات عام 2030، وتقليص العمالة، ما يعمّق المخاوف من اتّساع نطاق الشركات التي تتخلى عن تطوير الوقود الأخضر.
وكانت هيئة المراقبة والمحاسبة بالاتحاد الأوروبي قد أقرّت في وقت سابق بعدم واقعية أهداف الهيدروجين لدول الاتحاد، وأجّلت شركتا: إنجي (engie) الفرنسية وستيت كرافت (Statekraft) النرويجية مستهدفات الوقود النظيف.
ويبدو أن “فورتسكيو” أصبحت أحدث المنضمّين لهذا الاتجاه، إذ رغم أنها شركة أسترالية رائدة في استثمارات الطاقة النظيفة وتوسعت في بلدان عدّة، إلّا أن أخطر قراراتها كان قصر استثماراتها على تطوير في 4 مشروعات هيدروجين أخضر فقط.
وتقع المشروعات الـ4 في: (أميركا، وأستراليا، والبرازيل) لتوافر الطاقة النظيفة، لكن لا يعني ذلك أن هذه المشروعات ستمضي قدمًا باتجاه التطوير، إذ لم يصل اثنان منها لقرار الاستثمار النهائي بعد.
ورهن فورست مواصلة ” فورتسكيو” دورها بصفتها شركة أسترالية مطورة للهيدروجين الأخضر عملها في مناطق أخرى بالعالم، بتوافر مصادر الطاقة المتجددة.
مصير مشروعات فورتسكيو
يعدّ تناول هذه القرارات في إطار يقتصر على “تغييرات إدارية وإستراتيجية في رؤية شركة أسترالية” -فقط- أمرًا قاصرًا، إذ من المرجّح أن تنعكس هذه التطورات على مشروعات الهيدروجين الأخضر في دول عدّة، وفق نطاق انتشار ” فورتسكيو”.
وترتبط الشركة بمشروعات واتفاقيات تطوير مع كل من: (المغرب، ومصر، وناميبيا، وكينيا، وجيبوتي) في أفريقيا، و(الأردن، والهند) في آسيا، بالإضافة إلى تطوير مشروعات في ألمانيا ومحليًا في أستراليا.
لا تعدّ “فورتسكيو” مجرد شركة أسترالية تتبنّى مشروعات للطاقة النظيفة فقط، لكن رؤية الشركة لنمو الهيدروجين الأخضر ومستقبل انتشاره وسّعت حدود دعمًا لمشروعات في 3 قارات، نستعرضها فيما يلي:
مشروعات فورتسكيو في مصر والمغرب
لم تكن مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر والمغرب -بوصفهما دولتين أفريقيتين تحملان فرصًا قوية للإنتاج- ببعيدة عن التقلبات التي شهدتها شركة أسترالية مثل ” فورتسكيو” رائدة في صناعات الطاقة النظيفة، سواء على صعيد الرؤى والإستراتيجيات أو حتى التغييرات الإدارية.
مصر
صُنِّفت مصر بوصفها أول دولة أفريقية تتبنى إستراتيجية واضحة المعالم والتنفيذ لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر، وبدأت في تصدير الأمونيا منخفضة الانبعاثات.
وتملك القاهرة خططًا لإنشاء مصنع للتحليل الكهربائي بقدرة 4 غيغاواط في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وفي أكتوبر/تشرين الأول من عام 2022، كانت ثمة بوادر لتعاون مصري مع فورتسكيو الأسترالية، بعدما التقى وزير البترول والثروة المعدنية حينها المهندس طارق الملا وفدًا من الشركة، لبحث الاستثمار في إنتاج الهيدروجين الأخضر والطاقة النظيفة.
واتّفق خلال اللقاء على قيام وفد الشركة ببحث فرص وإمكانات تنفيذ ذلك في القاهرة، وفق بيان صادر عن الوزارة آنذاك، لكن لم يعلن بعدها تطورات إضافية.
المغرب
بالنسبة للرباط، أزيح الستار -في أبريل/نيسان 2024- عن اتفاق بين “فورتسكيو” الأسترالية ومكتب الشريف للفوسفات، لبدء مشروع مشترك يهدف إلى تطوير الهيدروجين الأخضر والأمونيا في المغرب.
وتضمَّن اتفاق التعاون: التخطيط لنحو 4 مشروعات تستضيفها المملكة المغربية، مدعومًا بتوافر الطاقة المتجددة وقدرة التحليل الكهربائي، بالإضافة إلى دعم الجانب المعرفي والبحثي بمركز للتطوير والتكنولوجيا قرب جامعة محمد السادس.
وبموجب الشراكة، استهدف مكتب الشريف الحصول على إمدادات من الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء للدمج في تصنيع الأسمنت منخفض الانبعاثات، في حين خططت “فورتسكيو” لدعم جهود تحول الرباط إلى مركز قوة في إنتاج الوقود النظيف، ويشكّل ممرًا “أخضر” إلى أوروبا.
ورغم أن أندرو فورست قال حينها، إن المغرب سيؤدي دورًا فاعلًا في تطوير الطاقة النظيفة، نظرًا للموقع وتوافر الموارد المتجددة، فإن النطاق المحدود الذي أقرّته شركة “فورتسكيو” لمشروعاتها لم يتضمَّن الرباط، ما يثير التساؤلات حول مصير الاتفاق المُعلَن قبل أشهر قليلة.
2) مشروعات عربية وأفريقية وآسيوية أخرى:
بوصف “فورتسكيو” شركة أسترالية اندفعت بقوة لتطوير الهيدروجين الأخضر محليًا وعالميًا، فإن علامات الاستفهام -بعد قرارها الأخير- لم تقتصر على مشروعات المغرب ومصر فقط.
الأردن
عربيًا، سعى الأردن للّحاق بركب الدول المطورة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وكشف وزير الطاقة “صالح الخرابشة” -في فبراير/شباط 2023- توقيع اتفاقية إطارية مع شركة أسترالية لتعزيز إنتاج الوقود الأخضر والأمونيا، وكان الاتفاق مشتركًا مع “فورتسكيو”.
ناميبيا
تعدّ ناميبيا ثاني دولة أفريقية توشك على إنتاج أول شحنة هيدروجين أخضر بعد مصر، وأُعلن في مارس/آذار 2024 قرب الإنتاج من مشروع قرية دورس بحلول يوليو/تموز الجاري.
وفي يناير/كانون الثاني 2023، وقّعت قرية دورس للهيدروجين الأخضر مذكرة تفاهم مع “فورتسكيو” لبحث التعاون المشترك في الطاقة النظيفة، دون الإفصاح حتى الآن عن تطورات جديدة لهذا الاتفاق.
وبذلك، يمكن أن تعطّل قرارات فورتسكيو الأخيرة إنتاج الهيدروجين الأخضر في ناميبيا، خاصة أن قرية دورس كانت تهدف لإنتاج 18 طن سنويًا، من الهيدروجين و100 طن أمونيا.
جيبوتي
تتبنى جيبوتي خططًا لبناء مركزًا للهيدروجين الأخضر بقدرة 10 غيغاواط، وعقدت الدولة الأفريقية (في سبتمبر/أيلول 2023) شراكة مع شركة “فورتسكيو” الأسترالية لإعداد دراسة جدوى لموقعين.
كينيا
على هامش انعقاد قمة المناخ “كوب 27” التي انعقدت في مصر عام 2022، جذبت موارد كينيا أنظار شركة أسترالية رائدة مثل “فورتسكيو”، خاصة في ظل تنامي رغبة الدولة الأفريقية لحجز موقع ضمن سوق الهيدروجين الأخضر العالمية.
ووقّعت الشركة الأسترالية مع حكومة الدولة الأفريقية آنذاك اتفاقًا لإنتاج الأمونيا الخضراء، في مدينة نيفاشا الكينية.
الهند
لم تقتصر تداعيات قرار شركة أسترالية بحجم شركة الملياردير أندرو فورست على المشروعات العربية والأفريقية فقط، لكنها امتدت إلى آسيا أيضًا.
ومع تركيز “فورتسكيو” على 4 مشروعات فقط في: أميركا وأستراليا والبرازيل -وفق تحديثها الأخير-، بات البناء تعاون الشركة مع الهند في تطوير الهيدروجين الأخضر محلّ شكّ.
وكان أندرو فورست قد التقى رئيس الوزراء الهندي “ناريندرا مودي”، في مايو/أيار 2023، لبحث سبل التعاون بين شركة “فورتسكيو” وشركات معنية بالهيدروجين لدى الدولة الآسيوية، والاطّلاع على خطط الشركة الأسترالية وتطلعاتها لنيودلهي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..