يُعدُّ الفحم في الهند وسيلة إنقاذ دائمة عند ارتفاع الطلب على الكهرباء، وأصبح -أيضًا- ذراع الدولة لتعزيز النشاط الاقتصادي والتوظيف والإسهام في الحد من الفقر، رغم الخطوات الكبيرة التي اتخذتها نيودلهي في سبيل تعظيم الكهرباء المتجددة النظيفة.

وخلال حملته الانتخابية، في أبريل/نيسان الماضي (2024)، التي فاز فيها بمدة جديدة، قال رئيس الوزراء ناريندرا مودي، إن بلاده حققت خطوة كبيرة بوصول إنتاج الفحم لأول مرة إلى مليار طن متري.

ووصف مودي هذا الإنتاج بأنه دليل على التزام الهند بأن يظل قطاع الفحم “نابض بالحياة”، وفق تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وكافح رئيس الوزراء الهندي في قمة المناخ كوب 26، التي انعقدت في مدينة غلاسكو الإسكتلندية عام 2021، لإلغاء بند التخلص التدريجي من الفحم إلى الخفض التدريجي له، وساعدت في تنفيذ هذا الأمر الصين، وهو ما دفع رئيس القمة ألوك شارما -حينها- إلى الإحباط لحد البكاء.

تشغيل المحطات بكامل طاقتها

في يوليو/تموز الماضي، أمرت الحكومة بتشغيل محطات الفحم في الهند بكامل طاقتها، للشهر الثالث على التوالي؛ بسبب ارتفاع الطلب على الكهرباء الناجم عن زيادة الحرارة، حسبما ذكرت صحيفة “ذا إيكونوميك تايمز – إنرجي وورلد”، اليوم الثلاثاء 6 أغسطس/آب 2024.

وينمو الطلب على الكهرباء بنسبة كبيرة في الهند، جراء النشاط الاقتصادي وتغير أحوال الطقس وموجات الحرارة. وتشير التوقعات إلى أن قوة الطلب متواصلة حتى بعد انتهاء هذا العقد.

وقال وزير الكهرباء الهندي بانكاج أجاروال، في 2 يوليو/تموز 2024، إن التوقعات الحالية للطلب خلال العام المالي (2031-2032) تدور حول 384 غيغاواط، “لكن الطلب غالبًا سيتجاوز هذا المستوى الذي قد يكون الأقل في هذا الوقت”.

وقفز الطلب على الكهرباء في الهند في 30 مايو/أيار الماضي إلى ذروة جديدة بلغت 250 غيغاواط.

ومن المخطط رفع عدد محطات الفحم في الهند لتلبية هذا الطلب المتزايد على الكهرباء، رغم السير قدمًا في تطوير ترسانة البلاد من الطاقة المتجددة.

وارتفع الطلب على الفحم في الهند بنسبة 10% العام الماضي (2023)، مسجلًا 105 ملايين طن متري. وكانت هذه النسبة الأكبر عالميًا، متجاوزة كل دول العالم، بما فيها الصين التي بلغ فيها 6%، وفق تقرير لوكالة الطاقة الدولية.

وقال الباحث في وكالة الطاقة الدولية الذي أعد التقرير، كارلوس فريناندز: “إننا نعلم أن الهند جادة في تنفيذ التزاماتها المناخية، ونعلم -أيضًا- أن الهند ترغب في تأمين احتياجات شعبها من الكهرباء، لذلك لا نتوقع أن تكون نيودلهي في طليعة الدول التي ستتخلص من الفحم”.

وهذه الرؤية عن الفحم في الهند من قبل وكالة الطاقة الدولية، ليست مفاجئة، إذ تعهدت الدولة الآسيوية العملاقة، صاحبة أكبر عدد سكان في العالم، ما يعادل 1.4 مليار نسمة، أن تحقق الحياد الكربوني في 2070، أي بعد الصين في 2060، والدول الغربية في 2050.

عامل هندي يعمل في قطاع إنتاج الفحم – الصورة من الموقع الإلكتروني لمنظمة غرينبيس

الخروج من دائرة الفقر

ما زال الفحم في الهند يمثل مصدرًا لنحو 70% وقود توليد الكهرباء، في وقت تنمو قطاعات الطاقة المتجددة، مثل الشمس والرياح، وفق بيانات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية نمو الطلب على الكهرباء في الهند بنسبة 6% سنويًا، خلال السنوات المقبلة.

وقد يساعد الفحم في الهند على خروج ملايين الأشخاص من دائرة الفقر، بفضل النمو الاقتصادي، كما فعل مع ملايين آخرين من قبل، إذ تحتاج الأنشطة الاقتصادية لمصادر طاقة موثوقة.

ويحتاج البعض مزيدًا من الكهرباء لتحقيق حد أدنى من الرفاهية المعيشية مثل تشغيل جهاز تكييف، أو “مروحة” عند ارتفاع الحرارة في الهند، وفق محلل معهد اقتصاديات الطاقة والتحليلات المالية تشاريث كوندا.

ويرى كوندا أن توقعات نمو الطلب على الكهرباء الحالية التي تصل إلى 6-7%، هي الحد الأدنى، “لكنها ستتجاوز ذلك على الأرجح”. وأوضح أن نمو الطاقة المتجددة يحتاج إلى زيادة عدد بطاريات التخزين بنسبة كبيرة.

كما يعتقد كوندا أن قوة جذور الفحم في الهند، لا ترتبط بتوليد الكهرباء فقط، ولكنه قطاع يوفر ملايين الوظائف، خاصة في قطاع السكك الحديدية، الذي يُعتمد عليه في نقل الفحم.

وفي نهاية صيف 2022، ألغت الحكومة قطارات تنقل نحو 2000 راكب؛ لأنها تعوق طريق نقل الفحم بسرعة.

ومع ذلك، هناك حاجة إلى مواصلة الجهود في قطاع الطاقة المتجددة. وتستهدف الحكومة الوصول بالقدرة المركبة إلى 500 غيغاواط بحلول 2030.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.