اقرأ في هذا المقال
- أغلب الطلب الحالي على الهيدروجين يتركز في قطاعات التكرير والكيماويات
- استعمال الهيدروجين في النقل والكهرباء والصناعات الثقيلة الأبرز مستقبلًا
- توقعات بنمو الطلب العالمي على الهيدروجين 5 مرات بحلول عام 2050
- قطاع النقل قد يستحوذ على 17% من إجمالي الطلب بحلول منتصف القرن
- إنتاج الهيدروجين الذي يحتاج إليه العالم بطريقة نظيفة في حاجة إلى كميات ضخمة من الكهرباء
يتجه الطلب على الهيدروجين للنمو على المديَين المتوسط والطويل، مدفوعًا بمرونة استعمالاته في قطاعات مختلفة، وزيادة الاعتماد عليه في مبادرات خفض الانبعاثات العالمية.
في هذا السياق، توقع تقرير تحليلي حديث -حصلت وحدة أبحاث الطاقة على نسخة منه (مقرّها واشنطن)- زيادة الطلب العالمي على الهيدروجين بمعدلات تتراوح من 4% إلى 6% سنويًا بين عامي 2020 و2030.
كما توقع التقرير أن تزيد معدلات نمو الطلب على الهيدروجين من 6% إلى 8% سنويًا خلال المدة من 2030 إلى 2050، مع زيادة الاستعمالات الجديدة في خفض انبعاثات قطاعات النقل والصناعات الثقيلة، التي يصعب تخليها عن الوقود الأحفوري بسهولة مثل صناعة الحديد والصلب والأسمنت.
وبلغ معدل نمو الطلب على الهيدروجين في عام 2022 قرابة 3%، ليصل إلى 95 مليون طن، مع تركزه في قطاعات صناعية محددة، أبرزها: التكرير والبتروكيماويات والأسمدة؛ إذ تستهلك هذه القطاعات ثلاثة أرباع الإنتاج العالمي تقريبًا.
أبرز قطاعات الطلب على الهيدروجين
استحوذ قطاع التكرير وحده على 43%، أو ما يعادل 41 مليون طن من إجمالي الطلب على الهيدروجين في عام 2022، في حين استحوذت صناعة الأمونيا -المكون الرئيس للأسمدة- على 33%، أو ما يعادل 32 مليون طن.
واستحوذت صناعة الميثانول على 17%، تلتها صناعة الصلب (الحديد المختزل) على 6% من إجمالي الطلب، ثم 1% للاستعمالات الأخرى، بحسب تقرير حديث صادر عن غرفة الشحن الدولية (ICS) في أغسطس/آب 2024.
أما قطاعات النقل وتوليد الكهرباء والاستعمالات الأخرى الناشئة التي تبشّر بها المبادرات المناخية، فلم تسجل طلبًا ملحوظًا على الهيدروجين خلال عام 2022.
وتأتي غالبية إنتاج الهيدروجين المتداول في العالم -حاليًا- من حرق الوقود الأحفوري (الفحم والغاز والنفط)، مباشرة دون استعمال تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه؛ ما يتسبب في إصدار انبعاثات كبيرة في أثناء إنتاجه، وهو ما يجعله محط انتقادات المناهضين للوقود الأحفوري عامة.
ويطلق على الهيدروجين المنتج بهذه الطريقة المباشرة “الهيدروجين البني، أو الأسود، أو الرمادي”؛ تمييزًا له عن الأزرق المستخلص باستعمال هذه التقنيات، والأخضر الذي ينتج من الماء عبر عمليات التحليل الكهربائي، والهيدروجين الأبيض، الذي يُعتقد أنه موجود في باطن الأرض بكميات ضخمة غير مستكشفة حتى الآن، بحسب التقارير الدورية التي تتابعها وحدة أبحاث الطاقة حول تطورات الهيدروجين وطرق إنتاجه.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة- ألوان الهيدروجين المجازية التي تطلق عليه حسب طريقة إنتاجه:
وتشير بيانات عام 2022، إلى أن 62% من إجمالي إنتاج الهيدروجين العالمي البالغ 95 مليون طن، جاء عبر حرق الغاز الطبيعي، تلاه حرق الفحم بنسبة 21%، ثم المنتجات الثانوية بنسبة 16%، في حين أسهم النفط بنسبة 0.5% فقط.
أما نسبة الإنتاج التي جاءت من محطات حرق الوقود الأحفوري المزودة بتقنيات احتجاز الكربون وتخزينه فلم تتجاوز 0.6%، أو ما يُطلق عليه “الهيدروجين الأزرق”، في حين أسهمت عمليات التحليل الكهربائي للمياه (الهيدروجين الأخضر) في 0.1% فقط من إجمالي الإنتاج العالمي.
توقعات الطلب على الهيدروجين
يتطلب سيناريو الحياد الكربوني بحلول عام 2050 زيادة الطلب على الهيدروجين 5 مرات عن المستويات الحالية، ليصل إلى ما يقرب من 500 مليون طن بين 2030 و2050.
ويستلزم ذلك، أن تستعد قطاعات متعددة للتحول إلى الهيدروجين بدلًا من الوقود الأحفوري لزيادة استعماله وتحفيز الطلب عليه، لا سيما قطاع النقل.
ويشير تقرير غرفة الشحن الدولية -استنادًا إلى سيناريو الحياد الكربوني- إلى أن حصة قطاع النقل من إجمالي الطلب على الهيدروجين ستنمو تدريجيًا بداية من عام 2034 فصاعدًا، لتصل إلى 17%، أو ما يعادل 85.2 مليون طن بحلول عام 2050.
ومن المتوقع ارتفاع الطلب على الهيدروجين في قطاع الشحن البحري إلى 31.3 مليون طن سنويًا بحلول 2050، كما قد يصل إلى 42.2 مليون طن سنويًا في قطاع الطيران بحلول التاريخ نفسه.
أما قطاع النقل البري فمن المتوقع أن يصل طلبه على الهيدروجين إلى 11.7 مليون طن سنويًا بحلول 2050، وسط توقعات بأن تهيمن السيارات الكهربائية على مشهد البدائل المتنافسة على خفض انبعاثات القطاع.
على الجانب الآخر، ستزداد حصة الاستعمالات الجديدة للهيدروجين في الصناعات الثقيلة، مثل الحديد والصلب والألومنيوم والأسمنت، إلى جانب الاستعمالات الصناعية الأخرى والقطاع المنزلي والتجاري وتوليد الكهرباء بحلول عام 2050.
ومن المتوقع أن يصل الطلب على الهيدروجين في هذه القطاعات الناشئة مجتمعة إلى 253.1 مليون طن سنويًا بحلول عام 2050؛ ما يزيد على نصف إجمالي الطلب العالمي بحلول منتصف القرن.
أما الاستعمالات الحالية في قطاعات التكرير والبتروكيماويات فمن المتوقع أن يرتفع طلبها إلى 163 مليون طن سنويًا بحلول عام 2050، ما سيمثّل 32% من إجمالي الطلب، بحسب سيناريو الحياد الكربوني.
وتشير هذه البيانات إلى أن الاستهلاك الصناعي بالمعنى الشامل سيظل مهيمنًا على إجمالي الطلب العالمي على الهيدروجين بحلول منتصف القرن، رغم زيادة الترويج للوقود الأخضر في قطاع النقل.
عقبات في طريق الهيدروجين
تراهن مسارات تحول الطاقة العالمية على أن الهيدروجين سيكون له دور رائد في خفض انبعاثات عديد من القطاعات خلال العقود المقبلة وحتى عام الحياد الكربوني المرتقب بحلول 2050.
ويمكن للتوسع في استعمال الهيدروجين أن يخفّض 7 مليارات طن من الكربون بحلول عام 2050، ما قد يمثّل 20% من إجمالي الخفض المطلوب عالميًا في هذا الإطار.
ورغم ذلك هناك عقبات عديدة تقف أمام توسيع نطاق الهيدروجين، الذي ما يزال ينتج حتى الآن عبر حرق الوقود الأحفوري، مع نسبة مساهمة ضعيفة جدًا لمشروعات الهيدروجين الأخضر.
وأدى الإنتاج العالمي للهيدروجين (95 مليون طن) في عام 2022 إلى إصدار انبعاثات كربونية تجاوزت 900 مليون طن سنويًا، أي ما يزيد قليلًا على إجمالي الانبعاثات البحرية الحالية البالغة 706 ملايين طن خلال العام نفسه، بحسب ما جاء في تقرير غرفة الشحن الدولية.
وحتى يمكن الاعتماد على الهيدروجين في مبادرات خفض الانبعاثات، فلا بد من معالجة انبعاثاته عبر التوسع في إنتاجه من المياه باستعمال الكهرباء المتجددة.
كم يحتاج الهيدروجين من الكهرباء؟
يواجه التوسع في إنتاج الهيدروجين الأخضر تحديات اقتصادية كبيرة؛ لحاجته إلى كميات ضخمة من الكهرباء المتجددة التي سيكون من الأفضل استعمالها مباشرة في كهربة قطاع النقل والمباني والصناعة بدلًا من تحويلها إلى إنتاج الهيدروجين.
فعلى سبيل المثال، يحتاج إنتاج 95 مليون طن من الهيدروجين عبر التحليل الكهربائي إلى 5 آلاف و700 تيراواط/ساعة من الكهرباء، ما يعادل 19.5% من إجمالي الإنتاج العالمي للكهرباء في عام 2022، والبالغ 29.16 ألف تيراواط/ساعة، بحسب التقرير.
وتشير أكثر السيناريوهات تفاؤلًا إلى أن استهلاك الهيدروجين العالمي قد يصل إلى 600 مليون طن بحلول 2050، أي ما يزيد 6 مرات عن الاستهلاك الحالي.
ويتطلّب إنتاج هذه الكمية الضخمة عبر التحليل الكهربائي للمياه كميات ضخمة من الكهرباء تصل إلى 34.2 ألف تيراواط/ساعة، أي ما يزيد بنسبة 17% عن إجمالي إنتاج الكهرباء العالمي حاليًا، بحسب تحليل وحدة أبحاث الطاقة.
يُشار إلى أن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” تتوقع أن يأتي 90% من إنتاج الهيدروجين في المستقبل من مصادر متجددة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..