تواجه شركات الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة وأوروبا مشكلات تمويلية ضخمة تهدد الهدف الذي أنشئت من أجله، وذلك حتى قبل أن ترى النور، بحسب تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

ورغم إنفاق مليارات الدولارات على مشروعات إنتاج الوقود الحيوي والهيدروجين ووقود الطائرات المستدام، يتزايد عدد المشروعات التي تصدم العالم بقرارات الإغلاق والتأجيل، ما يؤكد أن طريق التحول عن الوقود الأحفوري التقليدي سيكون عسيرًا.

وأغلقت شركة النفط شل متعددة الجنسيات مشروعين لإنتاج الوقود الحيوي في هولندا والسويد؛ إذ يسعى رئيسها التنفيذي وائل صوان للتركيز على قطاعات أكثر ربحًا للمساهمين مثل النفط والغاز

وفي بداية طريقها نحو إنتاج الوقود الأخضر لتسيير السفن والطائرات والمركبات بعيدًا عن الوقود الأحفوري الملوث، تتعرض شركات الطاقة النظيفة لأزمة التعثر المالي، بسبب تراجع الإعانات وتراجع شهية المستثمرين، فضلًا عن تحديات ارتفاع التضخم وأسعار الكهرباء واضطرابات سلاسل التوريد، من بين أخرى.

وثمة توقعات بارتفاع انبعاثات الكثير من الشركات دون تلك المشروعات النظيفة، ما يفرض تهديدًا لمستقبل الأهداف المناخية في الولايات المتحدة التي وضعت هدف تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

عزوف كبير

تعدّ شركة يونايتد إيرلاينز الأميركية (United Airlines) أحد أكبر داعمي الشركات الناشئة المتخصصة في إنتاج الوقود الحيوي والهيدروجين، لكن صدمها تباطؤ وتيرة الاستثمارات خلال العام الجاري (2024).

وكانت شركة فولكروم بيوإنرجي (Fulcrum BioEnergy) إحدى الشركات التي استفادت من دعم شركة الطيران الأميركية، لكن الأمر لم يمضِ كما هو مأمول.

وكانت الشركة الناشئة التي وعدت بتحويل القمامة إلى وقود طيران مستدام تدير مصنعًا في ولاية نيفادا، وعملت لأكثر من 15 عامًا، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

مصنع تابع لشركة فولكروم بيوإنرجي في نيفادا- الصورة من “energydigital”

وفي تطور صادم، أغلقت الشركة أبوابها بعدما فشلت في تسديد مدفوعات السندات، كما أفلست شركة مماثلة مدعومة من شركات إيرباص (Airbus) وجيت بلو (JetBlue) وجي إي إيروسبيس (GE Aerospace)، التي كانت تعمل على تسيير الطائرات بوقود الهيدروجين.

وتراجعت شركات شيفرون الأميركية وبي بي البريطانية وشل متعددة الجنسيات عن إنتاج الوقود الحيوي في أوروبا، كما أعلنت شركة الشحن العالمية ميرسك أنها طلبت بناء 50 ناقلة غاز مسال جديدة وزيت الوقود الأحفوري.

كما أعلنت الخطوط الجوية النيوزيلاندية في يوليو/تموز المنصرم (2024) تراجعها عن هدف خفض كثافة الانبعاثات بحلول عام 2030، بسبب تأخُّر مواعيد تسليم الطائرات ذات كفاءة استعمال الوقود، وارتفاع أسعار وقود الطائرات المستدام.

الحماسة تلاشت

كانت شركة بلغ باور (Plug Power) إحدى 3 شركات هيدروجين أميركية سجلت خسائر ضخمة خلال الربع الثاني من العام الجاري.

وتفصيليًا، بلغ صافي شركة بلوم إنرجي (Bloom Energy) 61.8 مليون دولار، ونيكولا لصناعة شاحنات خلايا وقود الهيدروجين (Nikola Corporation) 133.7 مليون دولار، وبلغ باور 262.3 مليون دولار.

وانهارت أسهم الشركة بأكثر من 90% منذ تمرير قانون خفض التضخم الأميركي في عام 2022، كما انخفضت أسهم شركة الوقود الحيوي جيفو (Gevo) بنحو 80%، وذلك بحسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن صحيفة “وول ستريت جورنال“.

ما السبب؟

أدى ارتفاع التكاليف إلى تأجيل المواعيد الزمنية لمشروعات شركات الطاقة النظيفة، وهو ما جعل جمع الأموال أمرًا عسيرًا على الشركات.

وتزامن ذلك مع تأخُّر وتراجع قيمة الإعفاءات الضريبية التي يقدّمها قانون خفض التضخم الذي أقرّه الرئيس جو بايدن.

بدوره، يقول الرئيس التنفيذي لشركة وقود الطيران المستدام لانزاجيت (LanzaJet) جيمي سامارتزيس، إنه من الصعب للغاية أن تحقق تقنية جديدة ما تفعله صناعة الوقود الأحفوري منذ أكثر من 80 عامًا.

ودعمت شركات شل وخطوط طيران ساوث ويست الأميركية ومايكروسوفت شركة لانزاجيت، وكان من المفترض أن تبدأ إنتاج وقود الطيران المستدام من مصنعها في ولاية جورجيا قريبًا، لكن انتهى الأمر بتجاوز التكاليف التوقعات.

وارتفعت تكاليف الوقود المصنوع من الميثانول بمقدار مرتين عن وقود الطيران الأحفوري التقليدي دون حساب الإعانات الحكومية، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

مصنع شركة فولكروم بيوإنرجي في نيفادا
مصنع تابع لشركة فولكروم بيوإنرجي في نيفادا- الصورة من “energydigital”

من جانبه، سلّط المدير الإداري في ذراع شركة يونايتد إيرلاينز الاستثمارية أندرو تشانغ الضوء على تباطؤ وتيرة الاستثمارات في قطاع الوقود الحيوي والهيدروجين.

وقال، إن سلسلة الإخفاقات والتأجيلات تترجم حالة عدم اليقين داخل شركات الطاقة النظيفة في الوقت الذي تقترب فيه الانتخابات الرئاسية من الانعقاد في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل (2024)، كما تتزايد التحديات المرتبطة بالتدفق النقدي وجمع الأموال.

وأضاف: “إذا لم تجد الأموال، فلا شيء ليُقال”.

كما يكافح أصحاب شركات الطاقة النظيفة بسبب الحاجة لكميات كبيرة من الكهرباء، وسط ارتفاع أسعار الفائدة واضطرابات سلاسل التوريد وارتفاع تكاليف تطوير الشبكات التي أسفرت لارتفاع أسعار الكهرباء.

كما يزاحم شركات الطاقة النظيفة على إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة الشركات التكنولوجية التي تدير مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي وعادة ما تدفع أسعار كهرباء أعلى.

ومن أجل التوصل إلى حل، يرى مديرون تنفيذيون أن الحل يمكن في إيجاد أنماط تشغيل تقلل التكاليف حتى تتمكن الشركات من تجاوز الطريق الوعر.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.