اقرأ في هذا المقال
- محطات الطاقة النووية العائمة بديل مثالي لنظيرتها التقليدية في توليد الكهرباء
- تسهم محطات الطاقة النووية العائمة في تعزيز النهضة الصناعية في أفريقيا
- تُعد التقنية مثالية لتوصيل الكهرباء إلى المناطق النائية في أفريقيا
- توليد الكهرباء من المحطات النووية العائمة يقلص الانبعاثات الكربونية
- أكاديميك لومونوسوف أول محطة طاقة نووية عائمة في العالم
تُقدِّم محطات الطاقة النووية العائمة حلًا واعدًا لمعضلة الكهرباء في أفريقيا، التي لا تزال حجر عثرة في طريق تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة في دول القارة.
ومن الممكن أن تبرُز تلك التقنية بديلًا مثاليًا لنظيرتها التقليدية التي لا تزال مرتبطة بتحديات خطيرة عديدة؛ أهمها إدارة النفايات الإشعاعية المتوقعة، إلى جانب تكاليف وقف التشغيل.
ومن الممكن أن تصبح محطات الطاقة النووية العائمة رقمًا مهمًا في تعزيز أمن الطاقة بالدول الأفريقية، عبر مساعدتها على خفض اعتمادها على الغرب في تأمين وارداتها من المواد الهيدروكربونية.
وتتطلّع دول القارة إلى مصدر نظيف وموثوق وفاعل من حيث التكلفة لتوليد الكهرباء اللازمة لنهضتها التصنيعية، ولا سيما في ظل التنامي المطرد للطلب على تلك السلعة الإستراتيجية.
ووفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، لا تمتلك القارة السمراء سوى محطة نووية واحدة فقط، تحتضنها جمهورية جنوب أفريقيا.
نموذج روسي مُلهِم
تواجه أفريقيا تحديات خاصة في قطاع الطاقة، ولا سيما بالمناطق النائية والساحلية التي يصعُب الوصول فيها إلى شبكة الكهرباء الرئيسة؛ ما جعل الحاجة إلى حلول طاقة مستدامة وموثوقة ونظيفة ملحّة بدرجة أكثر من أي وقت مضى، في حين تواصل دول القارة كفاحها لتعزيز معدلات النمو الاقتصادي وتحسين مستويات المعيشة لسكانها الذين يتزايدون بمعدلات مطردة.
ومن هذا المنطلق يتيح مفهوم محطات الطاقة العائمة، المتجسد في نجاح أكاديميك لومونوسوف (Akademic Lomonosov)، أول وحدة طاقة نووية عائمة في العالم، حلولًا واعدةً، وفق ما أورده موقع إي.إس.آي أفريكا (ESI AFRICA).
وتمتد أكاديميك لومونوسوف بطول 144 مترًا، وعرض 30 مترًا، وتزن 21.5 طنًا، وهي مزودة بمفاعلين “كيه إل تي-40 إس”، سعة 70 ميغاواط، وتتيح -الآن- الكهرباء إلى أكثر من 50% من المستهلكين في منطقة أوكروغ الواقعة في دائرة تشوكوتكا التي تتمتع بالحكم الذاتي شمال روسيا.
كما تتيح أكبر محطة طاقة نووية عائمة في العالم الكهرباء إلى مشروعات الذهب الخام والتعدين والشركات الجيولوجية والمواني البحرية ومنشآت البنية التحتية المدنية.
وفي أعقاب تشغيل أكاديميك لومونوسوف في عام 2020، تنامى الاهتمام بمحطات الطاقة النووية العائمة المصممة في روسيا؛ ولذا أصبحت الوحدة هي الأصل الذي ينحدر منه عائلة كاملة من وحدات الطاقة العائمة.
4 وحدات قيد البناء
هناك 4 وحدات من محطات الطاقة العائمة التي تستعمِل مفاعل من طراز آي آي تي إم -200 (RITM-200)، قيد البناء، وهي مصممة -خصيصًا- لإتاحة الكهرباء إلى حقل تعدين نحاس منخفض الكربون.
وهذه المفاعلات تستهدف إنتاج وإتاحة الكهرباء إلى المناطق النائية، والمنصات البحرية ومنشآت الإنتاج، والجزر.
ومحطة الطاقة العائمة هي محطة عائمة يمكن سحبها إلى مدينة ساحلية قد تتصل بالشبكة الكهربائية الوطنية لدولة ما، وتُستعمَل حينما تكون هناك حاجة إلى مصدر طاقة يستعمل كميات متوسطة من الكهرباء.
معايير الأمان
مقارنةً بالمحطات البرية المستعمَلة لأغراض مشابهة، لا تستغرق محطات الطاقة العائمة سوى أوقات تشغيل وتسليم كهرباء قصيرة نتيجة حلول التقنية المطبقة، ومن هناك تكتسب فكرة إنشاء تلك الوحدات في أفريقيا أهميتها المتنامية.
كما تُعَد محطات الطاقة النووية العائمة نظيفة، مقارنةً بتوليد الكهرباء من المحطات المتنقلة العاملة بالغاز المسال أو الديزل؛ إذ تُسهم عملية توليد الكهرباء من المحطات النووية العائمة في تقليص انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وحماية البيئة المحلية.
ويستند مفهوم السلامة في مفاعل “آر آي تي إم 200” إلى خصائص الأمان المزود بها والتي تَستعمِل أنظمة سلبية ونشطة من شأنها أن تضمن التشغيل الطبيعي والآمن للوحدة، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ومقارنةً بأي مصادر توليد كهرباء أخرى مُستعمَلة في العالم، تتسم محطات الطاقة النووية العائمة بمزايا عدة؛ فهي لا تُعد صديقة للبيئة فحسب، بل إنها تضمن تكلفة كهرباء يمكن التنبؤ بها على مدار سنوات دون الاضطرار لأخذ أسعار الهيدروكربونات في الحسبان.
كما يمكن استعمال تلك التقنية النظيفة مع وحدة عمليات مثبتة بشكل منفصل برًا أو بحرًا، على غرار تلك المستعمَلة لتحلية مياه البحر أو إنتاج الغاز المسال أو الهيدروجين أو الغاز أو المواد الكيميائية.
أفريقيا تنتظر
تمثل محطات الطاقة النووية العائمة نهجًا ابتكاريًا لسد متطلبات الكهرباء في المناطق النائية والمنعزلة في أفريقيا؛ حيث تبرُز تلك التقنية مهمةً جدًا، على وجه خاص، بالنسبة للمجتمعات التي تقطن السواحل والجزر العديدة في القارة، والتي يمكن أن تستفيد من تلك المصادر المتنقلة للطاقة.
ومن الممكن نشر تلك الوحدات بسرعة في الأماكن التي تشتد بها الحاجة إلى الكهرباء؛ ما يلغي الحاجة إلى تأسيس بنية تحتية والاستثمارات الضخمة اللازمة لبناء محطات الكهرباء التقليدية.
وتُزود محطات الطاقة النووية العائمة، مثل أكاديميك لومونوسوف، بمفاعلات تضمن إمدادات موثوقة من الكهرباء، وهو ما تتطلبه مشروعات التعدين الضخمة، والمنشآت التصنيعية كثيفة الاستعمال للكهرباء، إلى جانب المجتمعات المحلية.
مزايا عديدة
بالنسبة لأفريقيا لا يضمن استعمال محطات الطاقة النووية العائمة وصولًا إلى الكهرباء النظيفة والموثوقة فحسب، بل إنه يسهم في تحقيق الاستقلالية بمجال الطاقة.
وتمنح مسألة القدرة على التنبؤ بأسعار الكهرباء على أوقات طويلة، والتي تتيحها محطات الطاقة النووية العائمة عبر اتفاقيات شراء الكهرباء، استقرارًا اقتصاديًا؛ ما يحصّن الاقتصادات الأفريقية ضد التقلبات المستمرة في أسعار الطاقة العالمية.
ومن الممكن أن يُسهم نشر المحطات المذكورة بأفريقيا في تحفيز التصنيع، وتوفير الوظائف وبناء البنية التحتية، ولا سيما في المناطق الغنية بالموارد الطبيعية، ولكنها تفتقر إلى البنية التحتية للطاقة.
كما تبرُز أهمية محطات الطاقة النووية العائمة بالنسبة للتنمية في أفريقيا من إمكان استعمالها لأغراض متنوعة مثل تحلية مياه البحر.
وتأتي الحاجة إلى نشر تلك المحطات في أفريقيا مدعومةً بتدافع دول القارة على استعمال حلول الطاقة المتجددة والمستدامة، وفق متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة.
ولا تجسّد تلك التقنية رؤيةً شاملةً فحسب، بل إنها تضع خريطة طريق عملية لمستقبل الطاقة في أفريقيا، الذي يمزج بين الإبداع والمعايير البيئية والنمو الاقتصادي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..