تمضي تركيا قدمًا في توسعاتها بقطاع الطاقة داخليًا وخارجيًا، وبين المواقع المحتملة لضخ الاستثمارات برزت موارد الطاقة والمعادن في أفريقيا بصفتها قوة جذب جديدة، وحلبة منافسة تشارك كبار المستثمرين في القارة السمراء.
وتركز أنقرة اهتمامها على براميل النفط وموارد الهيدروكربونات، ولم تغفل أيضًا عن ثروات المعادن التي تزخر بها عدد من البلدان الأفريقية.
ويأتي الانضمام التركي إلى زخم استثمارات الطاقة في القارة، بالتزامن مع اشتداد المنافسة “الأميركية الصينية” -التي تابعت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) تفاصيلها- على الموارد خاصة المعادن النادرة.
وشملت خطط الاستثمارات كلًا من: “الجزائر، وليبيا، والصومال، والنيجر”، ويبدو أن أنقرة تملك خططًا ورؤى للتوسع في أفريقيا لتأمين موارد الوقود الأحفوري والمعادن اللازمة لانتقال الطاقة.
خطط مستقبلية
من النفط والغاز إلى المعادن تنتقل تركيا بين البلدان الأفريقية تضخ الاستثمارات بحثًا عن موارد جديدة، لتنافس كبار اللاعبين في القارة وعلى رأسهم الصين وأميركا.
ومن شأن هذه التطورات أن تُشعل الصراع على موارد القارة السمراء، خاصة أن أنقرة تسعى لتحقيق اكتفائها الذاتي وضمان أمن الطاقة.
وتستهدف أنقرة تنويع مصادر لطاقة لديها، بعد سنوات طويلة من الاعتماد على تدفقات النفط والغاز من روسيا وإيران الخاضعتين للعقوبات الأميركية.
وفي التقرير أدناه، نستعرض بعض الخطوات التي تتخذها أنقرة في هذا الشأن، بحسب تقرير نشرته بلومبرغ.
الجزائر
احتلت تركيا المركز الأول ضمن أكبر الدول المستوردة للغاز المسال الجزائري خلال النصف الأول من العام الجاري 2024.
وبلغت صادرات الغاز المسال الجزائرية إلى أنقرة خلال هذه المدة 2.17 مليون طن، وفق بيانات أوردها تقرير وحدة أبحاث منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، الصادر بعنوان “مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في النصف الأول من 2024”.
ويوضح الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم واردات تركيا نصف السنوية من الغاز المسال الجزائري:
ومن جانب آخر، تسعى أنقرة للتعاون مع الجزائر في إنتاج الهيدروجين الأخضر، بموجب مذكرة تفاهم موقعة بين شركتي سوناطراك الحكومية، وتوسيالي هولدينغ (Tosyali Holding) التركية المعنية بإنتاج الصلب الأخضر.
واتفقت الشركتان -نهاية يوليو/تموز الماضي- على إعداد دراسات جدوى حول إنتاج الهيدروجين اعتمادًا على مصادر الطاقة المتجددة، في منشأة تابعة للشركة التركية في مدينة بطيوة الجزائرية، وفق ما نقله موقع إنتربرايز.
وفي أحدث خطوات التعاون، يجري الحديث عن خطط لشركة النفط التركية التابعة للدولة، للتنقيب عن الهيدروكربونات في الجزائر، دون الإفصاح عن مزيد من المعلومات حول هذه الخطط، حتى الآن.
ليبيا
أشاد وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، باحتياطيات النفط المؤكدة في ليبيا (الأكبر في القارة الأفريقية)، التي تبلغ 48 مليار برميل.
وتشير هذه الإشادة -التي جاءت على هامش انعقاد قمة الطاقة والاقتصاد في طرابلس، يناير/كانون الثاني الماضي- إلى فرص التعاون المحتملة بين البلدين في قطاع الطاقة.
وأكد بيرقدار ضرورة التعاون الطاقي بين بلاده وليبيا، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات التجارية وقدرة شركات البناء في أنقرة على تلبية طموحات قطاع الطاقة الليبي، وفق ما نقله موقع إنرجي كابيتال آند باور (Energy Capital & Power).
ولفت أيضًا إلى التعاون مع ليبيا في تطوير الطاقة المتجددة خاصة الطاقة الشمسية، مع إمكانات طرابلس الوفيرة.
ومن المخطط أن تتحول قمة الطاقة والاقتصاد الليبية مطلع العام المقبل 2025 إلى منصة لتعزيز الجهود الاستثمارية بين البلدين عبر طرح مشروعات مشتركة طموحة.
وبجانب ذلك، تواصل الدولتان التعاون في تطوير مشروعات طاقة، عبر شركة بتروكيماويات مشتركة بدأت إنشاء مصنع لإنتاج القار (الأسفلت أو البيتومين) في مايو/أيّار الماضي، وتعتزم بدء تشغيله بعد عام، مستهدفة إنتاج 500 طن يوميًا.
الصومال
من المقرر أن تنطلق سفينة بحثية رسمية من أنقرة إلى الصومال، بحلول شهر سبتمبر/أيلول المقبل، في محاولة لدراسة مربعات نفطية واستكشافها قبالة سواحل الدولة الأفريقية.
وتبحث السفينة “أوروتش ريس”، المعنية بالأبحاث البحرية والتابعة للهيئة العامة للبحوث والاستكشافات في أنقرة، عن موارد محتملة في المياه الضحلة الصومالية.
ويأتي هذا في إطار تقديرات تُشير إلى أن الصومال قد يضم احتياطيات تصل إلى 30 مليار برميل مكافئ، حسب نتائج الدراسات الجيولوجية والمسوحات الزلزالية.
ولا تقتصر العلاقة بين البلدين على تعاون نفطي وشيك، لكن هناك تعاونًا عسكريًا وآخر في إدارة المواني والمطارات أيضًا.
النيجر
تُعد النيجر سابع أكبر منتج لليورانيوم في العالم رغم نموها الاقتصادي المتباطئ، ووقّعت تركيا معها اتفاقيات تعاون على هامش زيارة عدد من الوزراء بينهم وزير الطاقة للدولة الأفريقية، في يوليو/تموز الماضي.
وهدفت الاتفاقيات إلى تأمين أنقرة حصة من معدن اليورانيوم، بعدما ألغت الحكومة العسكرية في النيجر حقوق تعدين لشركات كندية وفرنسية كانت تطور رواسب المعدن.
وبتأمين موارد اليورانيوم تتمكن تركيا من إنعاش صناعة الطاقة النووية لديها، خاصة لأول محطة نووية في البلاد “محطة أكويو”، ومنشأتين إضافيتين تخطط أنقرة لبنائهما، وفق موقع مايننغ (Mining).
ورحبت أنقرة بقرار وقف تصدير اليورانيوم من النيجر إلى فرنسا، احتجاجًا على احتلال الأولى عسكريًا حتى عام 1960.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..