تعدّ الإنشاءات البحرية خطرًا يهدد البيئة التي هي من أهم الموارد الطبيعية، وتؤدي دورًا حيويًا في حياة الإنسان والكائنات البحرية.
ومع تزايد النشاطات البحرية، وهذه الإنشاءات، أصبح من الضروري تقييم التأثير البيئي بدقّة قبل بدئها، في صحة البيئة البحرية وسلامتها.
كما يعدّ التأثير البيئي للإنشاءات البحرية مسألة معقّدة تتطلب دراسة شاملة ومتكاملة لتقييم التأثيرات البيئية المحتملة، وتطوير إجراءات للحدّ من هذه التأثيرات.
إن تقييم التأثير البيئي قبل بدء الإنشاءات البحرية يعدّ خطوة أساسية لضمان أن تتمّ بشكل مستدام وبأقل تأثير بيئي ممكن.
ومن خلال هذا المقال، سنستكشف أهمية تقييم التأثير البيئي قبل الإنشاءات البحرية والخطوات اللازمة لتنفيذ هذا التقييم بشكل فعال ومؤثّر.
وسنسلّط الضوء على أهم الجوانب التي يجب مراعاتها خلال عملية التقييم وأهمية تبنّي ممارسات بيئية مستدامة للحفاظ على البيئة البحرية وتوازن النظم البيئية البحرية.
إستراتيجيات الإدارة البيئية
توفر البيئة البحرية مصدرًا مهمًا للطعام والمياه، وتؤدي دورًا حيويًا في تنظيم المناخ والتوازن البيئي. ومع ذلك، تواجه البيئة البحرية اليوم تحديات كبيرة نتيجة للتلوث الناتج عن الإنشاءات البحرية والنفايات البلاستيكية وتغير المناخ والصيد الجائر والتلوث النفطي والعديد من المشكلات الأخرى.
لذلك، يجب اتخاذ إجراءات فعالة للحفاظ على البيئة البحرية وحمايتها خلال عمليات الإنشاءات البحرية، وأحد أهم هذه الإجراءات هو الإدارة البيئية، التي تهدف إلى تقليل التأثير البيئي الناتج عن الإنشاءات وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة.
تشمل إستراتيجيات الإدارة البيئية للبيئة البحرية، خلال الإنشاءات، العديد من الخطوات والتدابير، منها:
1- تقييم الآثار البيئية: يتعين على المنشآت التي تقوم بأعمال الإنشاءات البحرية إجراء دراسات متعمقة لتقييم الآثار البيئية لمشروعاتها على البيئة البحرية، ويجب أن تشمل هذه الدراسات تحليل للتأثيرات البيئية المحتملة وتقديم حلول للحدّ منها.
2- التخطيط البيئي: يجب على الشركات والحكومات العمل على وضع خطط بيئية شاملة تهدف إلى حماية البيئة البحرية وتحقيق التنمية المستدامة، ويجب أن تشمل هذه الخطط إستراتيجيات لتقليل التلوث وحماية الأنواع البحرية المهددة بالانقراض.
3- استعمال التكنولوجيا النظيفة: يجب على المنشآت الاستثمار في تطبيق التكنولوجيا النظيفة بعملياتها البحرية، مثل استعمال أنظمة تنقية المياه العادمة وتوليد الطاقة المتجددة، ويمكن لهذه التقنيات الإسهام في تقليل التلوث وتحسين جودة المياه البحرية.
4- التوعية البيئية: يجب على الشركات والمجتمعات المحلية تعزيز الوعي بأهمية حماية البيئة البحرية وتشجيع المشاركة في الجهود البيئية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تنظيم حملات توعية وورش عمل بيئية وبرامج تعليمية للأطفال والشباب.
5- التعاون الدولي: يجب على الدول والمنظمات الدولية تعزيز التعاون الدولي لحماية البيئة البحرية ومواجهة التحديات البيئية العالمية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال توقيع اتفاقيات بيئية دولية وتبادل المعلومات والخبرات في مجال الإدارة البيئية.
تعدّ الإدارة البيئية للبيئة البحرية خلال الإنشاءات أمرًا ضروريًا للحفاظ على التنوع البيولوجي والاستدامة البيئية، ويجب على جميع الأطراف المعنية، سواء الحكومات أو الشركات أو المجتمعات المحلية، العمل معًا لتحقيق هذا الهدف وضمان توازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة البحرية للأجيال الحالية والمستقبلية.
تحديات تواجه الإدارة البيئية
تواجه الإدارة البيئية في الإنشاءات البحرية العديد من التحديات التي تعوق جهود حماية البيئة البحرية، وتحقيق التنمية المستدامة، من أبرز هذه التحديات:
1. التلوث الناتج عن الإنشاءات: عمليات الإنشاءات البحرية تسبّب تلوثًا بيئيًا ناتجًا عن استعمال المواد الكيميائية الضارة وتصريف النفايات الخطرة إلى المياه البحرية، هذا التلوث يؤثّر بالحياة البحرية والإيكولوجيا البحرية عمومًا.
2. تغير المناخ: يعدّ تغير المناخ تحديًا كبيرًا للإدارة البيئية في الإنشاءات البحرية، إذ يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر وتغيرات في درجات الحرارة والأحوال الجوية، وهذا يؤدي إلى تغيرات في النظم البيئية البحرية وتهديد الأنواع البحرية.
3. الأنواع البحرية المهددة بالانقراض: تعاني الأنواع البحرية المهددة بالانقراض من تهديدات كثيرة ناتجة عن الإنشاءات، مثل فقدان مواطن العيش والتلوث وصيد الأسماك الجائر، ويجب على الإدارة البيئية اتخاذ إجراءات لحماية هذه الأنواع والحفاظ عليها.
4. إدارة النفايات: يعدّ التخلص من النفايات الناتجة عن الإنشاءات البحرية تحديًا كبيرًا للبيئة البحرية، فتصريف النفايات الكيميائية والزيوت إلى المياه البحرية يؤثّر سلبًا بالبيئة البحرية، ويعرّض الحياة البرية والبحرية للخطر.
5. الصيد الجائر: تعدّ عمليات الصيد الجائر وغير المستدامة تحديًا كبيرًا للإدارة البيئية في الإنشاءات البحرية، إذ تؤثّر بتوازن النظم البيئية البحرية وتهدد التنوع البيولوجي.
تواجه الإدارة البيئية في الإنشاءات تحديات كبيرة تتطلب تبنّي استراتيجيات شاملة وفعالة للحفاظ على البيئة البحرية وتحقيق التنمية المستدامة، ويجب على جميع الأطراف المعنية العمل معًا لمواجهة هذه التحديات وحماية البيئة البحرية للأجيال الحالية والمستقبلية.
خطوات خفض التلوث الناتج عن الإنشاءات
لتقليل تلوث البيئة البحرية الناتج عن الإنشاءات البحرية، يمكن اتّباع العديد من الخطوات والتدابير الوقائية التي تسهم بحماية البيئة البحرية والمحافظة عليها، وفيما يلي بعض الخطوات التي يمكن اتّباعها:
1. الامتثال للتشريعات واللوائح البيئية: يجب على الشركات والمؤسسات التي تقوم بالإنشاءات الامتثال لجميع التشريعات واللوائح البيئية المحلية والدولية، ويسهم ذلك بتقليل التأثير البيئي السلبي للإنشاءات على المياه البحرية.
2. تقييم التأثير البيئي: يجب إجراء تقييمات للتأثير البيئي قبل بدء أيّ عملية إنشاء بحري لتحديد التأثيرات المحتملة في البيئة البحرية، وتطوير الإجراءات للتقليل من هذه التأثيرات.
3. استعمال تقنيات البناء الخضراء: يمكن تقليل تلوث البيئة البحرية من خلال استعمال تقنيات البناء الخضراء والمواد الصديقة للبيئة. على سبيل المثال، يمكن استعمال مواد قابلة للتحلل وإعادة التدوير في الإنشاءات.
4. التحكم في النفايات: يجب تطبيق إجراءات صارمة للتحكم في النفايات الناتجة عن الإنشاءات البحرية، مثل فصل النفايات الخطرة والتخلص منها بطرق آمنة ومتوافقة مع التشريعات البيئية.
5. تنفيذ تقنيات تحلية المياه: يمكن تقليل تلوث المياه البحرية من خلال تنفيذ تقنيات تحلية المياه لاستعمالها في عمليات الإنشاءات البحرية بدلًا من استعمال المياه العذبة.
6. تطبيق إجراءات السلامة البيئية: يجب تدريب العاملين على إجراءات السلامة البيئية والتشديد على أهمية الحفاظ على البيئة البحرية خلال عمليات الإنشاءات.
7. تشجيع التوعية البيئية: يمكن تشجيع العاملين والمجتمع المحلي على المشاركة في حماية البيئة البحرية وتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة البحرية.
يمكن التقليل من تلوث البيئة البحرية الناتج عن الإنشاءات البحرية من خلال اتّباع إجراءات وتدابير وقائية محددة تهدف إلى حماية البيئة البحرية والإسهام في تحقيق التنمية المستدامة، ويعتمد نجاح هذه الخطوات على التعاون بين جميع الأطراف المعنية والالتزام بالممارسات البيئية المستدامة.
خطوات تقييم التأثير البيئي
تقييم التأثير البيئي قبل بدء الإنشاءات يعدّ خطوة مهمة لضمان أن تتمّ الإنشاءات بشكل مستدام وبأقل تأثير بيئي ممكن، ولتقييم التأثير البيئي بشكل فعال، يمكن اتّباع الخطوات التالية:
1. تحديد نطاق التقييم: يجب تحديد نطاق التقييم البيئي وتحديد المعلومات الضرورية لتقييم التأثيرات المحتملة في البيئة البحرية. يتضمن ذلك تحديد المواقع المحتملة للإنشاءات ونوع الأنشطة المقترحة.
2. جمع البيانات: يجب جمع البيانات الموثوقة والشاملة حول البيئة البحرية المتأثرة، بما في ذلك التنوع البيولوجي، والتربة، والمياه، والأنواع البحرية المهددة بالانقراض.
3. تقييم التأثيرات: يتضمن هذا الخطوة تحليل البيانات المجمعة وتقدير التأثيرات المحتملة للإنشاءات المقترحة في البيئة البحرية، ويجب تحديد وتصنيف التأثيرات الإيجابية والسلبية وتقديم تقديرات دقيقة لهذه التأثيرات.
4. تطوير خطة تقييم التأثير البيئي: بناءً على نتائج التقييم، يجب تطوير خطة تقييم التأثير البيئي التي تحدد الإجراءات الوقائية والتصحيحية التي يجب اتخاذها للحدّ من التأثيرات البيئية السلبية.
5. تقديم التقارير والمراجعات: يجب توثيق جميع نتائج التقييم البيئي والتدابير الوقائية والتصحيحية المقترحة في تقارير رسمية تُقدَّم للسلطات المعنية للمراجعة والموافقة.
تقييم التأثير البيئي قبل بدء الإنشاءات يتطلب عملية شاملة ودقيقة تشمل جمع البيانات، وتحليل البيانات، وتطوير خطط تقييم الأثر البيئي، وتشجيع المشاركة الفعالة لجميع الأطراف المعنية يسهم في تقديم تقييم بيئي شامل وفعال يحقق الأهداف المستدامة للحفاظ على البيئة البحرية.
يجب أن ندرك أن الحفاظ على البيئة البحرية يتطلب جهودًا مشتركة ومستمرة من قبل الجميع، سواء كانوا من الحكومات، أو الشركات، أو المجتمعات المحلية، أو الأفراد، وتقليل تلوث البيئة البحرية الناتج عن الإنشاءات البحرية يعدّ تحديًا كبيرًا، ولكن باعتماد إجراءات وتدابير وقائية فعالة، يمكننا الحدّ من التأثيرات السلبية والحفاظ على البيئة البحرية للأجيال القادمة.
علينا جميعًا التعاون والتكاتف لتطبيق الممارسات البيئية المستدامة والابتعاد عن السلوكات التي تؤدي إلى تلوث البيئة البحرية.
إن الاستثمار في تقييم التأثير البيئي قبل الإنشاءات وتنفيذ إجراءات الحفاظ على البيئة يعدّ استثمارًا في مستقبلنا، لنعمل معًا من أجل حماية البيئة البحرية وضمان استمرارها للأجيال القادمة.
* المهندسة هبة محمد إمام.. خبيرة دولية واستشارية بيئية مصرية
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..