مع تزايد تداعيات تغير المناخ وكوارثه في مختلف أنحاء العالم، تكتشف الدراسات والأبحاث يومًا بعد يوم أضرارًا أكبر تمسّ عديدًا من القطاعات، ومن أحدثها تقرير يكشف عن تهديدات هائلة يواجهها قطاع السياحة في أستراليا.

ووفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يواجه نحو 68% من المواقع السياحية في أستراليا خطر أزمة التغير المناخي، ومن أبرزها: أولورو، ودانتري، وشاطئ بوندي.

ومن المتوقع أن تتأثر المواقع السياحية في أستراليا بخطر تغير المناخ، حال ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين فقط بحلول عام 2050، وفق تقرير حديث أصدرته مجموعة التأمين السويسرية “زيورخ إنشورنس غروب” Zurich Insurance Group، وشركة ماندالا الأسترالية للاستشارات الاقتصادية والإستراتيجية والسياسية Mandala.

“مستقبل فوضوي” ينتظر السياحة في أستراليا

حذّر التقرير من “مستقبل فوضوي” ينتظر صناعة السياحة الأسترالية بسبب تداعيات تغير المناخ،

ويمكن تلخيص صورة ذلك المستقبل في حرائق غابات تلتهم مناطق زراعة العنب التي تعتمد عليها صناعة النبيذ في جنوب أستراليا، في حين تعزل الفيضانات غابات داينتري المطيرة، وفي الوقت نفسه تزدحم المطارات الرئيسة بالمسافرين العالقين من جراء العواصف العنيفة، وفقًا للتقرير الذي نشرته صحيفة ذي غارديان (theguardian).

ويواجه نحو 178 موقعًا سياحيًا في أستراليا مخاطر مناخية كبيرة، تضم متنزهات ومطارات ومناطق الجذب السياحي، مع اضطرابات في حركة السياحة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة.

كما تتأثر وظائف قطاع السياحة في أستراليا من تداعيات تغير المناخ، إذ يبلغ عدد الوظائف المعرضة للفقدان نحو 620 ألف وظيفة.

آثار الطقس العاصف على شاطئ كورومبين بالقرب من مدينة غولد كوست في أستراليا عام 2020 – الصورة من فرانس برس

توسع خطر تغير المناخ

أثار حجم تداعيات تغير المناخ في أستراليا ومدى تأثير الأخطار الناتجة عنه، مخاوف كبيرة في قطاع السياحة والسفر الأسترالي.

وقال الخبير الاقتصادي، الشريك في شركة ماندالا الأسترالية للاستشارات المشاركة في التقرير، آدم تريجز: “ما أدهشنا هو حجم المشكلة الكبير، فعندما نظرنا إلى المنشآت السياحية في أستراليا، أصبح من الواضح مدى انتشار هذا الخطر”.

وأشار إلى تعرّض المواقع السياحية لـ9 مخاطر مناخية تشمل: الرياح، والفيضانات، والحرارة، والبرودة، والعواصف، والجفاف، وحرائق الغابات، والبرد والمطر، وفقًا لبيانات من مجموعة زيوريخ نُشرت يوم الإثنين 9 سبتمبر/أيلول 2024.

وأظهرت البيانات مدى تأثير المخاطر المناخية في تلك المواقع بالاعتماد على سيناريو “منتصف الطريق” لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

و”منتصف الطريق” هو السيناريو الذي ترتفع فيه درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين بحلول منتصف القرن الحالي، ويضع هذا المستوى من الارتفاع نحو 68% من أصول السياحة الأسترالية ضمن فئة “المخاطر الرئيسة” في البلاد بحلول عام 2050.

المناطق الأكثر عرضة لمخاطر تغير المناخ

تصدّرت ولاية كوينزلاند قائمة المناطق الأكثر عرضة لمخاطر تغير المناخ في أستراليا؛ إذ أظهرت البيانات أنها تحتوي على 52% من المواقع المتوقع تعرضها لأخطار من الفئة “العالية جدًا”.

وجاءت بعدها كل من الحدائق النباتية الملكية في سيدني، وشاطئ بوندي، وطريق المحيط العظيم، ومنطقة جرامبيانز في فيكتوريا، وشاطئ كابل، ومتنزه كالباري الوطني في أستراليا الغربية، وحديقة الأشجار الوطنية في كانبيرا.

وتضمنت قائمة مناطق الأكثر عرضة للتغير المناخي، تلال باروسا وأديلايد في جنوب أستراليا، ثم جزيرتي داينتري وكاجاري في كوينزلاند، وخانق كاتاراكت في تسمانيا، وكاكادو وأولورو في الإقليم الشمالي.

وحلّت جميع المطارات البالغ عددها 31 مطارًا، الأكثر ازدحامًا في أستراليا، ضمن فئتين من أعلى فئات مخاطر تغير المناخ؛ بسبب موقعها وتعرضها للعواصف والرياح.

واندرجت الغابات المطيرة والمتنزهات الوطنية، وخطوط السكك الحديدية، ومناطق زراعة العنب والحدائق النباتية والطرق ذات المناظر الخلابة، ضمن الفئات الأكثر عرضة للمخاطر المناخية.

أما المتاحف والمعارض الفنية والملاعب فقد جاءت ضمن الفئات الأقل عرضة لمخاطر التغيرات المناخية، إذ سجلت نسبًا منخفضة.

وتحتاج أستراليا إلى بذل مزيد من الجهود لمساعدة المواقع في أن تصبح أكثر مرونة وتكيُّفًا مع تأثيرات تغير المناخ الحالية، وفقاً للخبير الاقتصادي والشريك في ماندالا آدم تريجز.

وظائف مهددة

أدّت حرائق الغابات في عامي 2019 و2020 -المعروفة باسم “الصيف الأسود”- إلى انخفاض عائدات السياحة بنسبة 35%، بحسب التقرير الذي أضاف أنه حال وقوع أي خسارة مماثلة في الإيرادات حاليًا، فإن ذلك سيعرّض نحو 176 ألف وظيفة للخطر، يقع أكثر من نصفها خارج العواصم.

وأظهرت نتائج دراسة حديثة أُجريت العام الحالي 2024، تأثر قطاع السياحة في أستراليا من حرائق “الصيف الأسود”، إذ انخفض إنتاج السياحة وسلاسل التوريد الخاصة بها بمقدار 2.8 مليار دولار تقريبًا.

حرائق غابات "الصيف الأسود" في أستراليا عام 2020
حرائق غابات “الصيف الأسود” في أستراليا عام 2020 – الصورة من James Carmody

وأشار الخبير الاقتصادي، الشريك في ماندالا، آدم تريجز، إلى أن المحادثات السياسية في أستراليا ركّزت بصورة كبيرة على خفض الانبعاثات، مضيفاً: “لكننا لا نفكر كثيرًا في تغير المناخ الذي يحدث بالفعل، وسيزداد سوءًا”.

وفي مقابل ذلك، أبدى الأستاذ الممارس في معهد غريفيث للسياحة، دانييل جيشويند، مخاوفه من نتائج التقرير، مضيفًا أن النتائج يجب أن “تثير قلق الجميع، وهذا يوضح أن صناعة السياحة تتحمل عبء عقود من فشل السياسات العالمية (في الحد من الانبعاثات)”.

ودعا جيشويند القائمين على صناعة السياحة إلى العمل بصفة قوية في ملف التغير المناخي، واستغلال جميع ما لديها من إمكانات التواصل لمواجهة أزمة المناخ ورفع مستوى الوعي تجاه هذه القضية بصورة أفضل.

وختم حديثه قائلًا: “ما زالت المواقع السياحية في أستراليا في حاجة إلى مواصلة الصمود لمواجهة خطر تغير المناخ، بالتعاون مع الحكومات والمجتمعات المحلية”.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.