تواجه النمسا أزمة طاقة محتملة إذا قررت أوكرانيا تنفيذ تهديدها بعدم تجديد عقد نقل الغاز الروسي عبر أراضيها، في وقت تُعيد فيه الانتخابات العامة قضية الاستغناء عن غاز موسكو إلى الضوء مجددًا.
وما تزال الدولة الأوروبية تعتمد على موسكو بكثافة، وقد لا تستطيع الاستغناء عن إمدادات روسيا؛ حال فوز حزب الحرية اليميني المتطرف في الانتخابات المقررة يوم الأحد 29 سبتمبر/أيلول 2024.
وقالت الشركة الرئيسة في مجال الكهرباء في النمسا “وين إنرجي”، إنها تعتزم التخلص من الاعتماد على الغاز الروسي العام المقبل، رغم تصاعد المخاوف من ارتفاع معدلات التضخم، وتحذيرات الاقتصاديين من انكماش الاقتصاد الوطني هذا العام (2024)، وفق تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وفي كل الأحوال ستواجه الحكومة الفائزة في انتخابات الأسبوع المقبل ضغوطًا متزايدة لتنويع مصادر الطاقة بعيدًا عن الغاز الروسي، خاصة أنه من غير المتوقع أن يفوز أي من الأحزاب المتنافسة بأغلبية مناسبة.
وتشير استطلاعات الرأي -حاليًا- إلى فوز محتمل ضعيف لحزب الحرية، صديق روسيا، الذي قد يؤثر في سرعة تحقيق تحول الطاقة في البلد العضو بالاتحاد الأوروبي، الذي يقود حملة قوية للاستغناء عن الغاز الروسي، منذ غزوها لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
ووفق استطلاعات الرأي، فإن حزب الحرية سيحصل على 27- 29% من أصوات الناخبين، وهو يزيد قليلًا على حزب الخضر، في حين يصل نصيب 3 أحزاب أخرى إلى 10%.
زيادة الأسعار
زادت مخاطر وجود أزمة طاقة في النمسا، منذ أعلنت أوكرانيا أنها قد لا تجدد عقد نقل الغاز الروسي عبر أراضيها إلى أوروبا مع شركة “غازبروم”، مع انتهاء مدة العقد الحالي آخر 2024.
وتوقع المدير السابق لهيئة تنظيم المرافق العامة والتر بولتز، زيادة أسعار الغاز في السوق النمساوية بنسبة 20%، خلال مدة لا تقل عن 6 أشهر، حال تنفيذ أوكرانيا تهديدها.
وأشارت مصادر حكومية إلى أن النمسا تستطيع إدارة تلك الأزمة المتوقعة؛ إذ أجرت اللجنة المعنية دراسة وجدت أن الواردات عبر إيطاليا وألمانيا، بالإضافة إلى مخزونات الغاز، تستطيع تلبية الاحتياجات.
وفي ظل الوضع الاقتصادي المتدهور، تصدر مقترحات عديدة من السياسيين على الساحة لتحفيز النمو. ففي حين يتعهد كل من حزب الحرية اليميني المتطرف، والشعب المحافظ (الحاكم حاليًا) بخفض الضرائب، يرى حزب يسار الوسط “الديمقراطي الاجتماعي”، الذي يأتي في المرتبة الثالثة في استطلاعات الرأي الخاصة بالانتخابات، أن فرض ضرائب على الثروات والميراث هو الحل.
وعلق مدير الاقتصاديين في مصرف “رايفسن بانك إنترناشيونال” غنتر ديوبر، قائلًا: “إن النمسا تمثل نموذجًا مهمًا يكشف عن آثار ارتفاع معدلات التضخم.. إذا لم تكن قادرًا على المنافسة في مجال التكلفة والأجور، فالناس تتوقف عن الاستثمار، ويصبح الإنتاج في النمسا أقل جاذبية”.
ويتوقع البنك المركزي أن ينكمش الاقتصاد النمساوي بنسبة -0.7% في 2024.
الاستغناء عن الغاز الروسي
مثّلت محاولات أوروبا الاستغناء عن الغاز الروسي، والبحث عن بدائل لمصادر الطاقة تكلفة إضافية، زادت من معدلات التضخم، خاصة أن الحرب في أوكرانيا تلت مدة عصيبة بسبب جائحة كوفيد-19.
وتُعد النمسا الأكثر اعتمادًا -حتى الآن- على الغاز الروسي، ومع ذلك تجاوزت معدلات التضخم فيها متوسطات شقيقاتها الأوروبيات خلال العامين الماضيين، حسبما ذكر تقرير لوكالة رويترز، اليوم الإثنين 23 سبتمبر/أيلول 2024.
وقال مدير معهد البحوث الاقتصادية النمساوي ستفان سكيمان فوكان: “إن الدول الأوروبية الأخرى غير راضية عن استمرار اعتماد النمسا بكثافة على الغاز الروسي.. والضغوط السياسية تتزايد على فيينا في هذا الأمر”.
وتخطط أوروبا للاستغناء تمامًا عن الغاز الروسي بحلول عام 2027، ويرغب حزب الخضر في النمسا تسريع خطى تحول البلاد عن موسكو.
غير أن إحصاءات رسمية كشفت عن أن الغاز الروسي استحوذ على 83% من واردات الغاز في النمسا في يوليو/تموز 2024. في المقابل انخفضت واردات أوروبا من الغاز الروسي في 2023 بنسبة 15%.
وتتنوع رؤى الأحزاب المشاركة في انتخابات النمسا نحو واردات الغاز الروسي، لكنها تصب جميعًا في التخلص منه. على سبيل المثال، يؤيد حزب الخضر، الذي يأتي في المرتبة الثانية في توقعات الفوز بالحكومة، التحول إلى بدائل للطاقة.
في حين تعهّد شريكه، رئيس حزب الشعب النمساوي المستشار كارل نيهامر، بفطام بلاده عن الغاز الروسي، لكن لم يحدد أي منهما مدة لذلك.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..