يحيط الغموض بمستقبل شركة تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية نورث فولت السويدية (Northvolt)، بعد سلسلة أزمات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) قد تصل بها إلى حد الإفلاس.
وترزح الشركة التي تأسست قبل 8 سنوات فقط تحت وطأة أزمة مالية طاحنة دفعتها في سبتمبر/أيلول المنصرم (2024) إلى تسريح 1600 من عمالها، وتعليق خطة توسعية طموحة في أحد مصانعها.
ونورث فولت هي صاحبة أول مصنع عملاق لإنتاج البطاريات في أوروبا، وعقدت صفقات ضخمة مع شركات أوروبية عملاقة مثل “فولفو” و”بي إم دبليو” و”فولكسفاغن”.
وكان يُعوّل عليها للإسهام في مساعي القارة العجوز لمكافحة تغير المناخ، وبناء سلسلة توريد مستقلة لصناعة البطاريات لتقليل الاعتماد على النفط والاستيراد من الصين.
وضرب الركود صناعة السيارات الكهربائية في أوروبا، إذ انخفضت المبيعات بنسبة 44% في أغسطس/آب (2024)، في حين تضغط الحكومات للتحول بعيدًا عن السيارات التقليدية العاملة بالوقود الأحفوري، تحقيقًا لالتزاماتها المناخية والحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وترجمت معاناة صناعة السيارات الأوروبية في شركة فولكسفاغن التي تراجعت عن صفقة شراء بقيمة 2.5 مليار دولار مع نورث فولت في يونيو/حزيران، كما تتجه إلى إغلاق مصنع في ألمانيا بسبب ارتفاع التكاليف، وآخر في الصين.
إفلاس نورث فولت السويدية
اعترف الرئيس التنفيذي لنورث فولت، بيتر كارلسون، بأن قرار الشركة المُعلن في بيان بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول (2023) مؤلم وصعب، لكنه ضروري، من أجل تعديل الواقع ودعم مستقبل الشركة من خلال ما أطلقت عليه “إجراءات صائبة”.
وبهدف زيادة الإنتاج لتلبية الطلبات واستدامة العمليات التجارية، قررت الشركة تسريح ما يعادل خُمس إجمالي العاملين لديها، والتخلي عن خطة توسعة مصنع بطاريات في شمال السويد كان سيضيف قدرات إنتاج إضافية قدرها 30 غيغاواط/ساعة.
وبعد تراجع قدرات الإنتاج السنوية للمصنع الكائن بمدينة سكيلفتيا السويدية إلى دون 1 غيغاواط من 16 غيغاواط سابقًا، قررت الشركة التركيز على زيادة قدرات الإنتاج هناك.
وبعد ذلك، ظهرت على السطح شائعات تقول إن شركة نورث فولت على بُعد خطوات من إشهار إفلاسها، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن صحيفة الغارديان البريطانية.
وأكد الأكاديمي، صاحب العمود بصحيفة “أفارشفادن” السويدية (Affärsvärlden) كريستيان ساندستروم، أن السبيل الوحيد لحل أزمة الديون بشركة نورث فولت هو إعلان الإفلاس.
وأوضح أن ديون الشركة تتجاوز 60 مليار كرونة (6.65 مليار دولار)، كما تتكبد خسائر ضخمة ولا يمكنها زيادة الإنتاج، وإذا نجحت بجمع أي تمويلات فستكون من نصيب الدائنين.
*(الكرونة السويدية = 0.098 دولارًا أميركيًا)
وجمعت الشركة 15 مليار دولار في صورة أسهم وتمويلات ائتمانية من مصرف غولدمان ساكس (Goldman Sachs) وشركة الاستثمار بلاك روك (BlackRock) وأخرى.
وتضاعفت خسائر الشركة 4 مرات في العام الماضي (2023) إلى 1.2 مليار دولار من 285 مليون في سابقه 2022، في حين سجلت الإيرادات 128 مليون دولار بزيادة على 107 على أساس سنوي.
موقف الحكومة
استبعدت الحكومة السويدية تقديم حزمة إنقاذ إلى شركة نورث فولت، وترى وزيرة الطاقة والصناعة إيبا بوش تدخل الدولة في قروض أحد دافعي الضرائب أو بوصفها شريكًا أمرًا “غير ملائم”.
وبحسب الوزيرة، تعمل الحكومة مع شركة البطاريات بنشاط من أجل استمرار أعمالها، كما تتابع التطورات الأزمة من كثب.
بدوره، قال رئيس الوزراء أولف كريسترسون، إن حكومته ساعدت في توفير داعمين وأنماط ملكية جديدة، وأنه بحث ذلك مع ألمانيا.
عمال مصانع نورث فولت
نفت شركة نورث فولت السويدية شائعات إفلاسها الوشيك أو تورط الصين في أعمال تخريبية، وفتحت الشركة تحقيقًا لمعرفة ملابسات وفاة رجل بعمر 25 عامًا داخل مصنعها في شمال السويد.
بدورها، تقول الشركة إنها تجري اتصالات مع النيابة والشركة، وتنأى بنفسها عن التعليق على سير التحقيقات الأولية.
وأكد رئيس مسؤولي الأمن في نقابة “آي إف ميتال” أوليفر شابو، إن حادث الوفاة غير مقبول، مشيرًا إلى حالة من القلق تنتاب العاملين في مختبر الأبحاث والتطوير التابع لشركة نورث فولت السويدية في فيستيروس بوسط البلاد.
كما ينتظر العمال تفاصيل بشأن قرار التسريح، وسيضطر عمال من خارج السويد إلى ترك البلاد.
وعدّ شابو شركة نورث فولت مكان عمل جيدًا رغم المشكلات القائمة، لكن قيادة الشركة كان يمكن أن تكون أفضل مما هي عليه.
أزمة أوروبية
من المحتمل أن يضع إفلاس شركة نورث فولت حكومات السويد وألمانيا والمفوضية الأوروبية في ورطة سياسية؛ كونها قد تعهدت جميعًا بدعم خطط شركة البطاريات.
وعن هذا، يقول كبير زملاء السياسات في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ماتس إنغستروم، إن تداعيات انهيار الشركة ستمثل فشلًا للسياسة الصناعية الخضراء وصعوبة إنتاج خلايا البطاريات على نطاق واسع في السويد التي لا تمتلك خبرة في المجال.
واتهم الإدارة بوضع مستقبل الشركة في خطر بسبب الإفراط في الوعود وانخفاض التسليمات، لكنه أشار إلى إمكان اتفاق المالكين والمقرضين على اتفاق تمويلي في المستقبل القريب لإنقاذ الأعمال الأساسية للشركة.
من جانبه، أكد مدير الاتصالات والعلاقات العامة في شركة نورث فولت ماتي كاتاجا، أن الشركة شهدت تقدمًا في الأسبوعين الماضيين، كما دخلت في جولة تمويلية.
وشدد على التزام الشركة بالهدف الذي أنشئت من أجله، وهو بناء قاعدة صناعية أوروبية لإنتاج البطاريات.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..