تحمل مكافحة تغير المناخ في أوروبا أهمية حاسمة للحكومات التي وضعت مستهدفات لخفض الانبعاثات وحماية التنوع البيولوجي من بين أخرى، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

لكن الذئاب المفترسة التي تحظى بحماية مشددة أصبحت تشكّل خطرًا حقيقيًا يهدد حياة الماشية، ويُلحق أضرارًا مادية بالغة بأصحابها.

ولذلك، طالب مزارعون بالسماح بقتل الذئاب التي ترعى تحت ستار من الحماية المشددة التي يوفرها الاتحاد الأوروبي منذ عام 1992.

وأدرج الاتحاد الأوروبي استعادة التنوع البيولوجي على قوائم أهدافه لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 بتكلفة تريليون يورو (1.08 تريليون دولار أميركي)، كما وضع هدف حماية الحيوانات المفترسة ضمن إستراتيجية التنوع البيولوجي بتكلفة 115 مليار يورو (124.2 مليار دولار أميركي).

لكن الذئاب هاجمت 56 ألفًا و500 مزرعة حيوانات في أوروبا خلال العام الماضي (2023)، في ظاهرة يعزوها الاتحاد إلى نمو أعداد الذئاب وانتقالها إلى مناطق الزراعة.

وبينما عد أنصار حماية البيئة نمو أعداد الذئاب تغييرًا إيجابيًا، انتقد المزارعون سياسة مكافحة تغير المناخ في أوروبا التي تضيف إلى أعبائهم، مطالبين بتغييرها لمنح تفويض بصيد الذئاب.

أزمة ذئاب

منذ عام 2019، تعرضت أبقار المزارع الإسباني، خوان مانويل بيرغيو، لـ25 هجومًا من الذئاب، ومنذ ذلك الحين وهو يحاول بالطرق كافّة لمنعها، لكن الهجمات مستمرة.

يقول: “الذئاب تقفز فوق الجدران والأسوار دون لمسها حتى، إنها لا تخشى أي شيء.. هنا نشهد هجمات يومية”.

وأشار: “يقول السياسيون إنهم يدافعون عن المناطق الريفية، لكن كل ذلك كذب”، لافتًا إلى أن مقاطعته أصبحت بؤرة لهجمات الذئاب مع تسجيل 1400 هجوم في العام الماضي.

يأتي ذلك في وقت يعاني فيه مزارعو أوروبا قيود الصفقة الخضراء، للحد من المبيدات الحشرية وتطوير الزراعة العضوية وحماية التنوع البيولوجي والبيروقراطية.

وطالت أزمة الذئاب رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، شخصيًا، عندما تسلل ذئب في سبتمبر/أيلول 2022 إلى مزرعتها بولاية ساكسونيا السفلى الألمانية وقتل المهرة دوللي، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ.

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين- الصورة من وكالة الأنباء الفرنسية

وأصدرت فون دير لاين بيانات وأرسلت خطابات لأعضاء حزب الشعب الأوروبي المحافظ الذي تنتمي إليه، وبعد عام أرسلت المفوضية الأوروبية تقريرًا حول حالة الذئاب بالقارة، واقتُرح رسميًا في ديسمبر/كانون الثاني (2023) خفض درجة حماية الذئاب، ما يسمح للبلدان التي تعاني من كثرة الذئاب بإصدار حصص صيد.

وأضافت: “تركز قطعان الذئاب في بعض مناطق أوروبا أصبح خطرًا حقيقيًا خاصة للماشية.. تطالب السلطات المحلية بمزيد من المرونة”.

حرب سياسية

تريد المفوضية الأوروبية من الدول الأعضاء الدفع من أجل تغيير بنود اتفاقية برن التي تستهدف الحفاظ على الحياة البرية في أوروبا، ومن شأن ذلك التغيير أن يبدل وضع الحماية القانوني للذئاب من “محمية بصرامة” إلى “محمية”.

ومن المتوقع فوز حزب الشعب الأوروبي (المنتمية له دير لاين) بأغلبية المقاعد، ما يمنح الرئيسة الحالية والمحتملة لفترة جديدة السلطة لإجراء التغييرات.

في المقابل، تواجه أحزاب الخضر خطر خسارة المقاعد لتفوز بها الأحزاب اليمينية، وهو ما يثير مخاوف بشأن تباطؤ وتيرة العمل المناخي خلال العقد المقبل الحاسم لأهداف المناخ.

بدوره، انتقد عضو البرلمان توماس وايتز حزب المحافظين، قائلًا إنه يستعمل الذئاب بوصفها أداة انتخابية لحشد الناخبين ضد السياسات الخضراء، مضيفًا أن القضية كانت شعبوية للغاية، وبُنيت على المشاعر والمخاوف القديمة والقصص الشعبية الخيالية.

كما يقول مدير السياسات في مكتب البيئة الأوروبي الذي يمثل منظمات البيئة في بروكسل، سيرغي موروز: “من مصلحة المحافظين الذهاب إلى المزارعين وإخبارهم بأنهم خفضوا حالة الحماية للذئاب، لكن الصيد حل زائف والعلم بشأن ذلك لم يتغير، لكن ما تغير هو اقتراب موعد الانتخابات”.

مزارع أثناء رعي الماشية
مزارع في أثناء رعي الماشية- الصورة من بلومبرغ

ما الحل؟

قال عضو البرلمان الأوروبي عن حزب المحافظين، هيربر دورفمان، إن المزارعين يهجرون الرعي، ما يؤدي إلى خسارة كبيرة للتنوع البيولوجي، مشيرًا إلى الحاجة لإحداث توازن بين حماية الذئاب والماشية.

وثمة أهمية حاسمة لتربية الماشية، إذ يمكن لأنشطة الرعي أن تخفض البصمة الكربونية للأبقار، كما أن الحيوانات التي تنتقل بين الجبال تحتاج إلى علف أقل، ما يؤدي لخفض انبعاثات غازات الدفيئة، وتحافظ أيضًا على نظافة الغابات وتمنع الحرائق، ولذلك يرى المزارعون أن السماح بصيد الذئاب مفيد في هذا الصدد.

وحاليًا، لا تسمح القواعد بصيد الحيوانات المنفردة التي تقتل الماشية، وفي الكثير من البلدان يتطلب قتلها حكمًا قضائيًا، ما يصعب الأمر بسبب طول الإجراءات والبيروقراطية، كما أن الذئاب تتحرك في مساحات شاسعة ما يجعل صيدها مهمة عسيرة.

يقول رئيس الاتحاد الأوروبي للصيد والحفاظ على البيئة، توربيون لارسون، إن خفض مستوى حماية الذئاب سييسر على المزارعين قتل الذئاب التي تهاجم ماشيتهم بصورة متكررة، وسيساعد السكان المحليين في المشاركة مباشرة في مواجهة التحدي بدلًا من وضع الحلول بوساطة الغرباء.

وأضاف: “الحفاظ على البيئة ليس بمشكلة الآن، ولكن إذا لم يحدث شيء وإذا لم تتخذ تلك العملية خطوة للأمام، فستتزايد التوترات والصراع”.

وثمة حل آخر للأزمة من خلال التعويض، وبالفعل جرى تقديم 18.7 مليون يورو خلال 2022 في صورة مساعدات للمزارعين للاستثمار في إجراءات لمنع الهجمات.

لكن بالإضافة إلى عقبة التكاليف المرتقعة، لا تعمل تلك الطريقة مع مربي الأبقار التي يصعب السيطرة عليها داخل أسوار.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.