تواجه سوق الهيدروجين منخفض الكربون في أميركا حالة من الضبابية بانتظار قرارات الحكومة المقبلة بشأن هذا القطاع.
وتشهد هذه السوق في الولايات المتحدة، التي كانت مدعومة ذات يوم من إدارة بايدن القوية للطاقة النظيفة، حاليًا، حالة من الضابيبة مع استعداد دونالد ترمب لتولي منصبه مرة أخرى، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وتشمل أنواع الهيدروجين منخفض الكربون في أميركا كلًا من الهيدروجين الأخضر، والهيدروجين المحايد كربونيًا المصنوع من التحليل الكهربائي للمياه باستعمال الكهرباء المتجددة، والهيدروجين الأزرق المنتج من الوقود الأحفوري مع انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون باستعمال تقنية احتجاز الكربون وتخزينه.
ويثير رفض الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الصريح لمبادرات الطاقة النظيفة مخاوف بشأن مستقبل الهيدروجين منخفض الكربون في أميركا، وهو القطاع الذي استفاد بشكل كبير من الدعم الفيدرالي.
طفرة الهيدروجين في عهد بايدن
أطلقت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، حقبة جديدة من التفاؤل لسوق الهيدروجين منخفض الكربون في الولايات المتحدة.
وخصصت التشريعات التاريخية مثل قانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف 9.5 مليار دولار لتطوير الهيدروجين منخفض الكربون، في حين قدم قانون الحد من التضخم الإعفاء الضريبي (45 في)، الذي منح ما يصل إلى 3 دولارات لكل كيلوغرام من الهيدروجين النظيف المنتج.
وكانت هذه الحوافز حاسمة في خفض التكاليف المتساوية لجعل مشروعات الهيدروجين أكثر جدوى من الناحية المالية؛ ما جعل الولايات المتحدة “منطقة رئيسة لسوق الهيدروجين العالمي” و”بيئة واعدة” للمطورين المحتملين، بحسب كبيرة محللي تحول الطاقة لدى شركة غلوبال داتا GlobalData فرانشيسكا غريغوري.
ونجحت الولايات المتحدة في تنمية قدرتها على إنتاج الهيدروجين بسرعة بفضل مثل هذه المبادرات، لتحتل الآن المركز الثالث بصفتها أكبر سوق للهيدروجين، خلف كندا وأستراليا فقط، بحسب ما نشره موقع إنرجي مونيتور Energy Monitor، المعني بالتحول العالمي للطاقة النظيفة.
وتمتلك البلاد حاليًا 11.4 مليون طن سنويًا من قدرة الهيدروجين العاملة والمقبلة، وهو ما يمثل نحو 10% من حصة القدرة العالمية، وفقًا لشركة غلوبال داتا.
الضبابية بشأن تمويل الهيدروجين
على الرغم من أن الإلغاء الكامل لقانون خفض التضخم يبدو غير مرجح؛ فإن أي جهود لتخفيف الفاتورة قد تكون لها آثار كبيرة بقطاع الهيدروجين في الولايات المتحدة.
على سبيل المثال، يمكن لإلغاء أو تخفيض الإعفاء الضريبي بموجب المادة (45 في) أن يعرقل العديد من مشروعات الهيدروجين، مع اعتماد العديد من المطورين على الحافز لتعويض تكاليف الإنتاج المرتفعة.
ومن شأن هذا التحول أن يؤثر في الثقة بالسوق، خصوصًا بالنسبة لمشروعات المرحلة المبكرة، التي تشكل ما يقرب من نصف توقعات قدرة الهيدروجين في البلاد.
وأوضحت كبيرة محللي تحول الطاقة لدى شركة غلوبال داتا، فرانشيسكا غريغوري، أنه “على الرغم من أن ترمب لم يوجه انتقادات محددة لقطاع الهيدروجين منخفض الكربون في أميركا.
وأوضح الرئيس الأميركي الجديد المنتخب ازدراءه للإنفاق على الطاقة النظيفة؛ ما قوّض حزم التمويل المختلفة لإدارة بايدن للتكنولوجيات منخفضة الكربون.
وأضافت: كثيرًا ما وصف ترمب هذه الجهود بأنها جزء من “عملية احتيال خضراء”، وفق التصريحات التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ويُعد رفض ترمب للطاقة المتجددة تحديدًا أمرًا مثيرًا للقلق؛ نظرًا إلى دورها في إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون في أميركا، بحسب ما نشره موقع إنرجي مونيتور Energy Monitor.
وتزيد عودته إلى البيت الأبيض من احتمال تراجع تمويل مشروعات الطاقة المتجددة، وهو ما يمكن أن يغير بدوره اقتصادات تطوير الهيدروجين الأخضر، الذي من المتوقع، حاليًا، أن تصل قدرته إلى 3 ملايين طن سنويًا بحلول عام 2030.
دور الولايات المؤيدة للجمهوريين
في وقت مبكر من مارس/آذار 2024، أشار معهد البترول الأميركي، وهو أحد المانحين الرئيسين للحزب الجمهوري، إلى صعوبة تأجيل الإعفاءات الضريبية المقدمة للهيدروجين واحتجاز وتخزين الكربون في سيناريو فوز ترمب بسبب شعبيتها في الولايات التي يقودها الجمهوريون.
وتجري أعلى مستويات نشاط المشروعات والتطوير الأكثر نشاطًا لقدرة إنتاج الهيدروجين في معاقل الجمهوريين مثل تكساس ولويزيانا وفرجينيا الغربية، وهي المناطق التي ستستفيد بشكل كبير من الحوافز الفيدرالية المستمرة.
وتُعد ولاية تكساس وحدها موطنًا لـ45 مشروعًا للهيدروجين؛ أي أكثر من أي ولاية أخرى، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
بالإضافة إلى ذلك، يشير دعم ترمب لمشروع احتجاز الكربون وتخزينه، وإن كان في سياق دعم المزيد من أنشطة النفط والغاز، إلى أن آفاق الهيدروجين الأزرق ليست وخيمة مثل الهيدروجين الأخضر.
ومع تبلور سياسات ترمب، ستواجه صناعة الهيدروجين منخفض الكربون في أميركا تحديات، لكن تطوير الوقود على نطاق واسع في الولايات التي يقودها الجمهوريون.
بجانب ذلك؛ فإن احتمال التحديات القانونية لأي محاولات لتقليص حجمها، يشير إلى أن دعم الهيدروجين منخفض الكربون في أميركا يمكن أن يظل على حاله.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..