يهدد شبح أزمة الطاقة في أوروبا بطرق أبواب القارة العجوز مجددًا، مع اقتراب توقّف إمدادات الغاز الروسي عبر أوكرانيا، وتسارع السحب من المخزونات مع البداية الباردة للشتاء.

وينتهي تعاقد نقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا في نهاية شهر ديسمبر/أيلول المقبل، وقالت كييف التي غزتها موسكو قبل أكثر من عامين، إنها لن تمدد هذه الاتفاقية، بغرض وقف الإيرادات.

وفي الوقت نفسه، دفع تصاعد التوتر في أوكرانيا منذ بداية 2024 الغاز إلى الارتفاع بنسبة 45%، ورغم أن هذه الأسعار ما تزال أقل بنسبة كبيرة من مستوياتها في المدة اللاحقة لنشوب الحرب في 2022، فإنها مرتفعة للدرجة التي تجعلها تمثّل خطرًا قادمًا، وفق تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وكانت مخزونات الغاز سبيل الإنعاش لأوروبا خلال العام الماضي، لكنها الآن تتناقص بسرعة، ما يعني أن شبح أزمة الطاقة في أوروبا لم يبتعد مسافة كبيرة، رغم جهود العامين الماضيين من تنويع مصادر الغاز وفطام نفسها عن مصادر الطاقة القادمة من موسكو.

تدهور سوق الغاز

يتدهور الوضع في إمدادات سوق الغاز، ما يؤدي إلى ضغوط على إمكانات ملء المخزونات لاستعمالات الشتاء في أوروبا، ويدفع الأسعار إلى أعلى.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة “آر دبليو إي” الألمانية ماركوس كريبر، في مؤتمر، يوم الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024: “ما نزال نواجه أزمة في إمدادات الغاز، وإذا رغبنا في أن نكون مستقلّين عن روسيا، نحتاج إلى استيراد مزيد من الغاز في ظل تناقص المخزونات السريعة نتيجة لبداية الشتاء الباردة، والحاجة إلى التدفئة”.

وتصاعد التوتر في أوكرانيا، إذ تبادلت الدولتان المتحاربتان الهجمات الصاروخية الأسبوع الماضي، بعد إعلان فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية.

وبسبب هذا التوتر فرضت أميركا عقوبات اقتصادية على مصرف “غازبرومبنك”، وهي آخر المؤسسات المالية الروسية المعنية بمدفوعات الغاز، والتي كانت معفية من هذه العقوبات.

وتستهدف العقوبات على المصرف حرمان روسيا من إيرادات صادرات الغاز، لكنها في الوقت نفسه ما تزال تصاعد مخاطر إمدادات الغاز إلى دول وسط أوروبا.

ويرى محللو “إنرجي أسبيكتس” أنه رغم خفض الاعتماد على روسيا، فإن خط الأنابيب الأخير الذي ينقل غاز موسكو لأوروبا، عبر أوكرانيا، وانتهاء عقده القريب، يهدد برفع الأسعار.

ورغم أن أوروبا تستعد لهذا الموعد، فإن عقوبات أميركا على مصرف مدفوعات الغاز، تعني احتمالات توقُّف هذا الغاز قبل الموعد المحدد نهاية العام الجاري.

وصعود الأسعار يعكس تأثير وقف الغاز الروسي الرخيص عن التدفق إلى أوروبا، وتأخير وصول شحنات الغاز المسال الأميركية إلى أراضي القارة.

مدير وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول – الصورة من ويند يوروب

أزمة الطاقة في أوروبا المحتملة في الشتاء

في إشارة أخرى على أن شبح أزمة الطاقة في أوروبا قد تتكرر هذا الشتاء، أن أسعار الغاز في الصيف كانت أعلى من الشتاء التالي، على غير العادة، إذ إنه عادةً ما تكون تلك الأسعار منخفضة وقت التخزين، وهذا قد يؤدي إلى استمرار ارتفاع أسعار الطاقة لمدة أطول.

يُذكر أن ألمانيا اضطرت في ظل أزمة الطاقة في أوروبا عام 2022 إلى شراء الغاز للتخزين بأسعار قياسية من السوق الدولية، ولاسترداد التكلفة الإضافية فرضت ضريبة تخزين على التجّار أو مشغّلي المرافق.

وانتقدت الدول الأوروبية غير الساحلية مثل النمسا وسلوفاكيا وجمهورية التشيك الإجراء الألماني، لأنه يرفع تكلفة الحصول على الغاز المسال.

وقال مدير التحليل في شركة “غلوبال ريسك مانجمنت” في كوبنهاجن آرن لوهمان: “إن هذا الأمر يشبه بداية سيناريو 2022، حيث تشتري أوروبا الغاز بأيّ سعر، خاصة مع توقعات الطلب الكبير من آسيا في الشتاء القادم”.

وقد حذّر الرئيس التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول أوروبا، وقال، إنها تحتاج إلى ضمان المخزونات لهذا الشتاء، إذا توقفت إمدادات الغاز الروسي مع مطلع 2025.

ومع تعطُّل عديد من الأنشطة في أكبر اقتصاد أوروبي بسبب ارتفاع تكلفة الطاقة، زاد السحب من المخزونات بسرعة.

غير أن رئيس كلية لندن لاقتصاديات الطاقة الدكتور يوسف الشاماري أشار إلى كفاية احتياطيات الغاز حتى الآن، لكن المخاوف تأتي من عدم استمرار فائض المعروض، وأوضح أن مستوى مخزونات الغاز في أوروبا بلغ 90% في أغسطس/آب الماضي، والآن يقف عند 95%.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

1-أوروبا تواجه أزمة الطاقة القادمة من وكالة بلومبرغ

2-مع اقتراب الشتاء تذبذب أسعار الطاقة يعود لأوروبا من يورو نيوز

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.