تثير السيارات الكهربائية الكثير من الجدل حول ارتفاع تكلفتها مقارنةً بالسيارات التقليدية العاملة بالبنزين، ما قد يلقي بظلاله على جهود نشر سيارات صديقة للبيئة.
وأُصيب العديد من المستعمِلين بالإحباط، عندما وجدوا أن تكلفة استعمال السيارات الكهربائية التي تقطع مسافات طويلة تبلغ ضعف تكلفة نظيراتها العاملة بالبنزين تقريبًا.
وهو ما دفع بعضهم إلى التشكيك في وعود السيارات الكهربائية، وبرزت سيارة فورد موستانغ ماك-إي (Mustang Mach-E) بوصفها بعيدة كل البعد عن كونها حلًا سحريًا للسيارات الكهربائية مثلما رُوِّج لها.
وسلّط مقال حديث -حصلت منصة الطاقة المتخصصة على نسخة منه (مقرّها واشنطن)- الضوء على سلبيات استعمال السيارات الكهربائية على الطرق السريعة.
أزمة شحن السيارات الكهربائية
أثار كاتب المقال، أندرو إنجليش، أزمة شحن السيارات الكهربائية على الطرق السريعة في بريطانيا، بوصفها إحدى النقاط الأكثر تعقيدًا في نشر هذا النوع من المركبات.
وروى “أندرو” -في مقاله الذي نشرته صحيفة “ذا تيليغراف” (The Telegraph)، أنه اضطر إلى قيادة سيارته “موستانغ ماك-إي” الكهربائية لمسافات طويلة، نظرًا لمرض أحد أفراد أسرته، وعدم توافر سيارة “هوندا سيفيك تايب آر” العاملة بالبنزين.
وبدا الأمر وكأن شركة غريدسيرف البريطانية (Gridserve) -المتخصصة في تطوير وتشغيل البنية التحتية الأساسية لإنتاج الطاقة المستدامة- لم تقم بالكثير من التخطيط لتجنّب طوابير الانتظار.
فمن بين 24 محطة شحن عالية التيار في خدمات مدينة إكستر البريطانية، كانت 8 منها خارج الخدمة؛ إذ استغرق الأمر 45 دقيقة حتى أصبح الشاحن خاليًا.
وقال مات سيدويل من شركة غريدسيرف: “الشيء الذي يدفعني إلى الجنون هو الأشخاص الذين يبقون على الشاحن للحصول على شحن بنسبة 100%.. من المستحيل تقريبًا تحقيق ذلك، ويستغرق وقتًا طويلًا، لأن الشاحن يضخ تيارًا ضئيلًا فقط في تلك المرحلة”.
وصادف كاتب المقال سائق سيارة مسنًّا خرج من سيارة نيسان ليف (Nissan Leaf)، وكان يحدّق في شاشة الشاحن، قائلًا: “الشواحن مصنّفة عند 175 كيلوواط/ساعة.. ستحصل على 80 فقط”.
وأشار “أندرو” إلى أنه نادرًا ما رأى أكثر من 80 كيلوواط/ساعة، ولم يستمر ذلك لمدة طويلة حينها، على الرغم من أن الشحن السريع بالتيار المستمر لسيارة فورد مصنّف عند 150 كيلوواط/ساعة.
استهلاك الوقود في السيارات الكهربائية
مع متوسط استهلاك الوقود الذي يبلغ 2.8 ميلًا لكل كيلوواط/ساعة على الطرق السريعة، فإن مدى السيارة الفعّال يتراوح بين 250 و270 ميلًا (من بطارية ليثيوم أيون بسعة 91 كيلوواط/ساعة)، مقابل ادّعاء 372 ميلًا؛ على الرغم من أن فورد تعلن “مدى الطريق السريع” لسيارة ماك-إي بـ306 أميال.
وبحسب أيّ مستعمل سيارة كهربائية لمسافات طويلة، فإن السرعة والمرتفعات وانخفاض درجات الحرارة هي العدو الرئيس لمدى البطارية.
وأفاد كبير خبراء الديناميكا الهوائية في شركة أودي للسيارات، موني إسلام، بأن السحب الديناميكي الهوائي يشغّل 40% من استعمال البطارية، في إجراء اختبار المركبات الخفيفة المنسّق عالميًا؛ ولكن يرتفع هذا الرقم إلى ما يقرب من 60% عند القيام برحلات طويلة على الطرق السريعة فقط.
وكتب “أندرو”: “مثل أيّ مستعمِل متمرس للسيارات الكهربائية، أنا على دراية جيدة بالانخفاض السريع للمدى المتوقع مقارنةً بمسافة الرحلة الفعلية”.
وتابع: “على سبيل المثال، عندما بدأت الشحن بنسبة 95%، وكان المدى المتوقع 269 ميلًا، بدت شواحن غريدسيرف في إكستر ضمن النطاق بسهولة.. أظهرت فورد زيادة قدرها 85 ميلًا عن المسافة المحسوبة بوساطة شركة ويز (Waze)”.
ومع ذلك، بعد ساعة ونصف من الرحلة، انخفضت الزيادة إلى 48 ميلًا، وبعد 3 ساعات، ووصل كاتب المقال إلى محطة الخدمات بأقل من 12% من الشحن، بحسب تفاصيل التجربة التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
تكلفة استعمال السيارات الكهربائية
سلّط كاتب المقال أندرو إنجليش الضوء على ارتفاع تكلفة استعمال السيارات الكهربائية، مقارنةً بنظيراتها العاملة بالبنزين.
وأشار إلى دفع مبلغ ضخم قدره 1.12 جنيهًا إسترلينيًا (1.41 دولارًا) لكل كيلوواط/ساعة في محطة شحن شل، في حين إن متوسط الشحن السريع عمومًا يتراوح بين 85 و90 بنسًا (1.07 و1.13 دولارًا) لكل كيلوواط/ساعة.
وفي رحلة طويلة على الطريق السريع، يبلغ متوسط استهلاك فورد من الوقود ما بين 2.6 و2.8 ميل لكل كيلوواط/ساعة، وهو أمر غير عادي بأيّ حال من الأحوال في السيارات الرياضية متعددة الاستعمالات التي تعمل بالبطارية، والتي اختبرتها.
وباستعمال الأرقام الأكثر سخاءً في كلتا الحالتين، فإن تكلفة فورد تبلغ 30 بنسًا (0.38 دولارًا) على الأقل لكل ميل مقابل الكهرباء وحدها.
وعند المقارنة بسيارة هوندا، ستقطع “سيفيك تايب آر” نحو 34 ميلًا لكل غالون، ما يعني أن تكلفة الوقود لكل ميل تبلغ نحو 16 بنسًا (0.20 دولارًا)، وفق ما جاء في المقال الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأكد كاتب المقال أنه على الرغم من عدم وجود انبعاثات من العادم، فإن شحن السيارة الكهربائية له تأثير في توليد الكهرباء من ثاني أكسيد الكربون.
ويظهر مدى الطريق السريع الفعلي والرقم الحالي في المملكة المتحدة لتوليد ثاني أكسيد الكربون أنه على المدى الطويل، تنتج فورد ثاني أكسيد الكربون بمعدل 43 غرامًا/كم، في حين إن هناك سيارات هجينة تعمل بالبنزين تنتج أقل من نصف هذه الكمية.
وشدد “أندرو” -في النهاية- على أن “فورد” ليست “الضحية”؛ إذ تُعدّ هذه هي القضايا التي تؤثّر في أيّ شخص يقطع مسافات طويلة مع الاعتماد على شبكة الشحن على جانب الطريق.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر: