في خطوة تاريخية، صوّت عمال مصنع فولكسفاغن (Volkswagen) الألمانية في تشاتانوغا بولاية تينيسي الأميركية لصالح الانضمام إلى نقابة عمال السيارات المتحدة “يونايتد أوتو وُركرز” (United Auto Workers).
يمثل ذلك انتصارًا مزلزلًا للنقابة التي يتوسّع انتشارها الآن خارج قاعدتها في ديترويت لتمتد إلى جنوب أميركا وغربها، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وبذلك يكون مصنع فولكسفاغن هو الأول بمنطقة الجنوب وأول مصنع سيارات تابعة لشركة أجنبية ينضم للنقابة عبر الانتخابات منذ أربعينيات القرن الماضي.
ويأمل عمال مصنع فولكسفاغن في أن تساعدهم النقابة بتقديم ضمانات لتحسين مستوى السلامة وتحقيق التوازن بين العمل والحياة وتعزيز المزايا الوظيفية.
نتائج الانتخابات
أدلى معظم عمال مصنع فولكسفاغن في تينيسي لصالح الانضمام لنقابة عمال السيارات المتحدة بنسبة 73% وبمعدل ألفين و638 صوتًا قالوا نعم مقابل 985 رفضوا الخطوة.
وأعرب رئيس النقابة شاون فين، عن سعادته بنتائج التصويت الذي انتهى يوم الجمعة 19 أبريل/نيسان (2024)، قائلًا: “الليلة نحتفل بانتصار تاريخي.. هذه اللحظة التاريخية في أمتنا.. وغدًا سنكافح وأنتم يا رفاق من تقودون الطريق، سننقل ذلك إلى مرسيدس وإلى كل مكان آخر”.
واحتفل عمال المصنع بالنتائج، حتى إن بعضهم غالبته دموع الفرح ورفعوا لافتات تقول “نعم للنقابة”.
وبينما كانت الموظفة بالمصنع ليزا إليوت تحتفل مع زملائها، قالت: “أشعر بسعادة غامرة لإنجازنا ما خططنا لتحقيقه، أخبِروا (عمال) مرسيدس أنهم القادمون”.
ومن المقرر أن تفتتح مرسيدس الألمانية (Mercedes) مصنعًا لإنتاج السيارات في ولاية ألاباما، ومن المتوقع انضمام العمال إلى النقابة خلال شهر مايو/أيار المقبل.
وبالإضافة إلى مرسيدس، تقول النقابة إن ما يزيد على 30% من عمال مصنع شركة هيونداي الكورية الجنوبية (Hyundai) في ألاباما ومصنع شركة تويوتا اليابانية (Toyota) في ميسوري لإنتاج قطع غيار السيارات يرغبون في الانضمام إلى النقابة.
يُشار هنا إلى أن النقابة حاولت وفشلت مرتين في ضم مصنع فولكسفاغن إلى عضويتها على مدار العقد الماضي في 2014 و2019، وكان ذلك يُشكِّل علامة واضحة على ضعف قوتها.
لكن منذ عامين، شحذت النقابة قواها وحقّقت انتصارات كان آخرها في خريف العام الماضي عندما قادت إضراب صناعة السيارات في أميركا ضد 3 شركات عملاقة، هي فورد (Ford Motor)، وجنرال موتورز (General Motors)، وستيلانتس (Stellantis)، بمشاركة نحو 13 ألف عامل اعتراضًا على تدني الأجور.
ونجحت نقابة السيارات الأميركية في زيادة الأجور بنسبة لا تقل عن 25% في العقد الذي يستمر 4 أعوام مع مضاعفة الأجر لبعض العمال الجدد والمؤقتين إلى جانب تعديلات مرتبطة بتكلفة المعيشة.
وبالنسبة إلى فين شخصيًا؛ فتصويت عمال فولكسفاغن لقطة مهمة في مسيرته؛ إذ أطلق حملة لضم المصانع التابعة لأكثر من 10 شركات؛ منها تيسلا (Tesla) إلى النقابة.
وبدعم من قدراته القوية على التفاوض، تعهّد فين وفريقه بإنفاق 40 مليون دولار حتى عام 2026 لتحقيق هذا الهدف، وفق ما جاء في تقرير نشرته وكالة رويترز.
شركة فولكسفاغن
اتّخذت شركة فولكسفاغن موقفًا محايدًا من انضمام عمال مصنعها في تينيسي إلى نقابة السيارات الأميركية، والذي حظي باهتمام كبير محليًا.
وفي بيان صحفي عبر موقعها الرسمي، أشادت الشركة بتنظيم عملية الاقتراع التي أشرف عليها المجلس الوطني لعلاقات العمل (NLRB) التابع للحكومة الفيدرالية الأميركية.
وقالت إن عمال المصنع صوّتوا لصالح تمثيلهم من قِبل النقابة، وأجريت عملية الإدلاء بالأصوات عبر الاقتراع الديمقراطي والسري.
وأضافت: “سننتظر تصديق مجلس علاقات العمل على النتائح، وتشكر فولكسفاغن عمال المصنع لتصويتهم في تلك الانتخابات”.
أهمية حاسمة
تمثل النتائج فوزًا كاسحًا للحركة العمالية في منطقة الجنوب الأميركي؛ إذ إن مصنع فولكسفاغن هو الوحيد الذي ينضم للنقابة في الجنوب الأميركي.
وكانت منطقة الجنوب تتبنّى موقفًا مناهضًا لنقابة السيارات لعقود، لكن المكاسب التي جلبتها للعمال المشاركين بإضراب السيارات في أميركا كسرت ذلك الحاجز.
وعلى مدار أكثر من 80 عامًا، مثّلت النقابة عمال جنرال موتورز وفورد وستيلانتس التي تضم علامات كرايسلر وجيب ورام ودودج، وضمت بعض عمال مصانع الشاحنات الثقيلة والحافلات في الجنوب.
لكنها فشلت في محاولات سابقة لضم أكثر من 20 مصنعًا لإنتاج السيارات في المنطقة الممتدة من ولاية ساوث كارولينا إلى تكساس وفي الشمال بولايات منها أوهايو وإنديانا.
وبعد النصر في مصنع فولكسفاغن، ستصب النقابة تركيزها على مصانع الجنوب، وبالفعل ثمة اقتراع في 13 مايو/أيار بمصنع مرسيدس، ضمن مساعٍ أكبر للنقابة لضم 6 مصانع أو أكثر على مدار العامين المقبلين.
لكن على الجهة المقابلة، يُزعج وجود النقابة في الجنوب شركات السيارات؛ إذ يكبّدها تكاليف أعلى للعمالة من نظرائها غير النقابيين مثل تويوتا وهوندا ونيسان وتيسلا وهيونداي، بحسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست (washingtonpost) والذي طالعته منة الطاقة المتخصصة.
يقول الأستاذ الفخري بجامعة كاليفورنيا هارلي شايكن، إنها لحظة فاصلة لصناعة السيارات؛ لأنها تُشكِّل نموذجًا لما سيتردد صداه بأنحاء الصناعة والصناعات الأخرى التي تضم عددًا كبيرًا من العمال غير النقابيين.
ويبلغ متوسط أجور عمال مصنع فولكسفاغن في أميركا نحو 35 دولارًا في الساعة، في مقابل أكثر من 40 دولارًا في مصانع جنرال موتورز وفورد وستيلانتس.
ويأمل العمال الذين صوّتوا لصالح الانضمام للنقابة في زيادة الأجور والمزيد من الإجازات مدفوعة الأجر.
وتغطي عقود النقابة الرعاية الصحية التي تدفعها الشركات المشغلة بالكامل تقريبًا، وزيادات نتيجة تقاسم الأرباح وتعديلات مرتبطة بتكاليف المعيشة لحماية العمال من التضخم، بالإضافة إلى برامج تقاعد سخية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..