أكد رئيس قمة المناخ كوب 28 الدكتور سلطان الجابر، أن الطاقة المتجددة لن تستطيع وحدها تلبية الطلب العالمي المتزايد، داعيًا إلى الاستثمار في حلول متنوعة تشمل الطاقة النووية والغاز والهيدروجين وطاقة الحرارة الأرضية الجوفية.
وقال، في كلمة خلال حفل تكريمه في مؤتمر الطاقة العالمي الـ26 بمدينة روتردام في هولندا: “الوقود التقليدي يُشكِّل 80% من مصادر الطاقة المستعملة حاليًا على مستوى العالم، ومع توقع زيادة الطلب بنسبة 23% في السنوات العشرين المقبلة؛ فإن العالم يحتاج إلى خريطة طريق منظمة وعملية لتحقيق الانتقال المنظم والمسؤول والعادل في قطاع الطاقة”.
وشدد رئيس كوب 28 على أن الرؤية الاستشرافية مكّنت الإمارات من أداء دور رائد عالميًا في جميع المجالات؛ بما فيها العمل المناخي والبيئي، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة للجميع.
واستلم الجابر، خلال المؤتمر، “جائزة التأثير الإيجابي في مجال الانتقال المنظم والمسؤول في قطاع الطاقة العالمي والتنمية الاقتصادية المستدامة”، تقديرًا لجهوده الاستثنائية في توحيد جهود العالم حول اتفاق الإمارات التاريخي.
ويشكل اتفاق الإمارات الذي جى اعتماده في نهاية فعاليات قمة المناخ كوب 28 (COP28) في ديسمبر/كانون الأول الماضي الإطار الدولي للعمل المناخي العالمي، وحدد مسارات واضحة للحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية، من خلال تحويل التعهدات إلى نتائج ملموسة، وضمان تنفيذ الإجراءات اللازمة على مستوى العالم.
دور الإمارات
قال الجابر، بمناسبة حصوله على الجائزة التي يمنحها “مجلس الطاقة العالمي” للمرة الأولى: “إن التكريم يشكِّل تقديرًا للرؤية الاستشرافية لقيادة دولة الإمارات، ودورها في حشد جهود العالم لمواجهة تداعيات تغير المناخ، والدعوة إلى تحقيق انتقال مُنظَّم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة، وتكريس التوافق العالمي حول “اتفاق الإمارات”.
وأضاف أن الاتفاق الرائد كان محطة تاريخية للعمل الدبلوماسي في مجال المناخ، وتضمن سلسلة من المبادرات الأولى من نوعها عالميًا، التي تشمل توافقَ جميع الأطراف على تحقيق انتقال مُنظَّم ومسؤول وعادل ومنطقي إلى منظومة طاقة خالية من الوقود التقليدي الذي لا يتم تخفيف انبعاثاته، ووضْعِ أهدافٍ محددة لزيادة القدرة الإنتاجية العالمية لمصادر الطاقة المتجددة 3 مرات، وإتاحة الفرصة للمرة الأولى من خلال مؤتمرات الأطراف أمام القطاعات الصناعية، وخاصة قطاع النفط والغاز، للمشاركة الاستباقية في إيجاد الحلول.
وأكد أن نجاح كوب 28 في احتواء الجميع على نحو غير مسبوق رغم التوترات الجيوسياسية المختلفة، ومساعدة العالم على تغليب المصلحة المشتركة على المصالح الذاتية، وتحديد مسارات واضحة تقوم على الحقائق العلمية لتحقيق الهدف المناخي المنشود، وهو الحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية.
اتفاق الإمارات
دعا سلطان الجابر دول العالم إلى التكاتف لتحويل “اتفاق الإمارات” الاستثنائي إلى خطوات عملية فعالة وغير مسبوقة.
وسلط الضوء على التغير الكبير الذي شهده مزيج الطاقة العالمي، من خلال زيادة القدرة الإنتاجية لطاقة الرياح والطاقة الشمسية 8 مرات، بمناسبة احتفال مؤتمر الطاقة العالمي هذا العام بمرور 100 عام على انعقاده للمرة الأولى.
وأوضح أن الإمارات لها دور ريادي في هذا النمو، مشيرا إلى مشروعات توربينات الرياح في بحر الشمال، والتي استثمرت فيها الإمارات من خلال شركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر”، والتي تساهم الدولة من خلالها في قيام أوروبا بدور ريادي عالميًا في مجال طاقة الرياح مثل محطات “مصفوفة لندن”، و”دادغون” و”دوغر بانك” و”إيغل بحر البلطيق”.
الوقود التقليدي
لفت الجابر إلى أن الوقود التقليدي لا يزال يشكّل 80% من مصادر الطاقة المستعملة حاليًا على مستوى العالم، وأنه مع توقع زيادة الطلب على الطاقة بنسبة 23% في السنوات العشرين المقبلة، فإن العالم يحتاج إلى خريطة طريق منظمة وعملية لتحقيق الانتقال المنظم والمسؤول والعادل في قطاع الطاقة مما يشكِّل تحديًا ضخمًا على المستويات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والتكنولوجية، والهندسية.
وأكد أن النجاح في مواجهة التحدي يتطلب قيام كافة الجهات المعنية بدورها المطلوب في هذا المجال، داعيًا الدول إلى وضع أهداف شاملة لخفض الانبعاثات على مستوى الاقتصادات في الجولة القادمة من المساهمات المحددة وطنياً، وللقطاعات الصناعية إلى التعاون في إزالة الانبعاثات من جانبي الطلب والعرض في منظومة الطاقة الحالية.
وأوضح أن زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة 3 مرات تشكل بداية الجهد المطلوب، مشيرًا إلى حاجة العالم للتوسّع في مصادر الطاقة النووية، والغاز، والهيدروجين، وطاقة الحرارة الأرضية الجوفية، وغيرها من مصادر الطاقة الخالية من الانبعاثات التي لم يتم اكتشافها أو استعمالها بعد.
كما شدد على ضرورة تحسين كفاءة سلسلة قيمة الطاقة، قائلاً :”إن اعتماد التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، يمكنه أن يحدث تغييراً جذريًا”.
تحول الطاقة
دعا سلطان الجابر إلى اتباع نهج متكامل للتعامل مع الانتقال في قطاع الطاقة، بحيث يحقق التواصل المطلوب بين كبار المستهلكين الصناعيين، والمنتجين، وشركات التكنولوجيا، والمجتمع المالي، والمجتمع المدني، وصانعي السياسات.
وقال إن كوب 28 شكّل نقطة تحول تاريخية، ومحطة فارقة تعاملَ فيها العالم بواقعية وجدية مع الانتقال المنشود في قطاع الطاقة، ومتطلباته، وجدد التأكيد على أن هذا الانتقال سيستغرق وقتاً، وسيتحقق بسرعات مختلفة بحسب تباين الأماكن والظروف، وأنه لا يمكن أن يتخلى العالم عن منظومة الطاقة الحالية قبل بناء منظومة الطاقة المستقبلية على أسس اقتصادية مستدامة.
وأوضح أن قيام العالم بالاستثمارات الصحيحة سيساهم في خلق صناعات ووظائف جديدة، وتدشين مسار اقتصادي جديد منخفض الانبعاثات، ودعا جميع الجهات المعنية في الحكومات، والقطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، إلى توحيد الجهود وتنفيذ إجراءات عملية فعالة تستند إلى الحقائق العلمية، للحفاظ على إمكانية تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية، وتعزيز التقدم البشري.
جدير بالذكر أن “مؤتمر الطاقة العالمي” الذي أقيمت نسخته الأولى عام 1924 يعد من أهم الفعاليات التي ينظمها مجلس الطاقة العالمي الذي تأسس عام 1923 في لندن وهو منظمة دولية مستقلة غير ربحية تضم نحو 100 لجنة وطنية تمثل أكثر من 3000 منظمة من المنظمات الأعضاء بما في ذلك الحكومات والمؤسسات الصناعية بهدف تعزيز إمدادات واستخدامات مستدامة للطاقة.
ويجمع المؤتمر، الذي يقام في مختلف أنحاء العالم، تحت مظلته العديد من الوزراء والرؤساء التنفيذيين والخبراء لمناقشة التطورات المهمة في قطاع الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..