يهدد صعود تيار اليمين الواضح في الانتخابات البرلمانية الحياد الكربوني في أوروبا المستهدف، وسط ارتفاع التكلفة وأزمة الطاقة والضغط على جيوب المواطنين، والحاجة إلى رفع الإنفاق على التسليح في ظل التوترات الجيوسياسية المنتشرة في أنحاء العالم، وفق توقعات محللين.

وقال تقرير تحليلي، طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، إن نتائج الانتخابات البرلمانية الأوروبية المقرر إجراؤها بدءًا من الخميس 6 يونيو/حزيران 2024، وتستمر 3 أيام في 27 دولة مجموع أعضاء الاتحاد، ستكشف عن مدى تأثر خطط خفض انبعاثات الكربون، وميزانية تلك الخطط، وكيف سينعكس ذلك على السياسات المستقبلية.

ووجد مسح لمعهد سياسات البيئة الأوروبي في 27 مايو/أيار 2024، أن 67% أن تلك الانتخابات ستؤثر سلبًا بخطط الحياد الكربوني في أوروبا.

وبينما يرى أغلبية المشاركين في المسح أن الصفقة الخضراء ستتحول إلى تشريعات؛ فإنها ستظهر في شكل أكثر ضعفًا تشمل قيودًا أكبر.

ورغم أن زخم المرشحين اليمينيين لعضوية البرلمان الأوروبي يشهد تراجعًا بصورة عامة؛ فإن المؤشرات ترجّح فوزًا متوقعًا لهم بمقاعد إضافية، خاصة أن دولًا قائدة مثل فرنسا، يسيطر عليها هذا الصعود.

ويعني هذا الصعود لليمين، أن هناك تحديًا سيواجه الإنفاق على الحياد الكربوني في أوروبا في التشكيل البرلماني الجديد، خاصة أن دولًا عدة تسعى إلى تعزيز الإنفاق على التسلح.

سوق الكربون

تعيش القارة العجوز في ورطة ليست لها حلول سهلة؛ فهناك تباطؤ في النمو، ولا تزال معدلات التضخم مرتفعة، وميزانيات الحكومات مرهقة، في الوقت الذي يدخل فيه الحياد الكربوني في أوروبا مرحلة أصعب، وفق تقرير تحليلي لوكالة بلومبرغ.

وبهدف تحقيق الحياد الكربوني في أوروبا، من المفترض إطلاق سوق جديدة للكربون عام 2027، تعمل على خفض الانبعاثات في قطاعي التدفئة والنقل، وهي الخطوة المتوقع أن تؤثر في المستهلكين.

وخلال عام 2035، ستكون كل سيارات الركاب الجديدة كهربائية؛ حيث ينتهي عصر مركبات حرق الوقود.

وكان الاتحاد قد وضع قطاع الزراعة ضمن التشريعات الخضراء، لكنه اضطر إلى تخفيف تلك التشريعات، عقب احتجاجات مناهضة من المزارعين، في فبراير/شباط 2024، أغلقوا خلالها الطرق بتفريغ عبوات الأسمدة فيها.

واشتعلت احتجاجات المزارعين بسبب السياسات البيئية وواردات المواد الغذائية الرخيصة من أوكرانيا، وتجددت تلك الاحتجاجات في شهر مارس/آذار الماضي، بأعداد أقل وبالمطالب نفسها.

وقال رئيس قطاع البحوث في مؤسسة “بروجل” البحثية Bruegel سيمون تاغليابترا: “هذه المعايير المرتقبة في اتجاه تحقيق الحياد الكربوني في أوروبا ستضرب المستهلكين، خلال وقت يخفض الاتحاد الحوافز الخضراء.. هذا الأمر لا يخدم سوى الأحزاب اليمينية لتلقي اللوم على بروكسل”.

ويسعى الاتحاد إلى تحقيق الحياد الكربوني عبر إنفاق مبالغ هائلة، وخفض الانبعاثات بنسبة 55% بحلول 2030.

وتراجعت معدلات التلوث بنسبة 32.5% في المدة بين عامي 1990 و2022، في حين نما الاقتصاد بنسبة 67%، ورغم ذلك فإن الاتحاد يحتاج إلى توسيع نشر الطاقة المتجددة والبنية التحتية صديقة للمناخ وتقنيات خضراء لتحقيق الأهداف.

طاقة متجددة – الصورة من إنستيتيو إنترناشيونال أراريا

مبالغ هائلة

يحتاج تحقيق الحياد الكربوني في أوروبا إلى إنفاق 1.5 تريليون يورو (1.635 مليار دولار أميركي) سنويًا من خلال تحول الطاقة، معظمها يأتي من القطاع الخاص، وفق تقدير داخلي في بروكسل.

ويُضاف ذلك إلى مبلغ يُقدر بنحو 863 مليار يورو (940.7 مليار دولار أميركي) أنفقه الاتحاد بين عامي 2011 و2020.

(اليورو = 1.09 دولارًا أميركيًا).

غير أن البعض يرى أن تلك المبالغ الهائلة، اتُّخذ قرار بشأنها وقت كانت الاقتصادات تنمو بصورة معتدلة، لكن الآن التحديات الاقتصادية العديدة قد تدفع إلى سبل أخرى، خاصة بعد الانتخابات البرلمانية الأوروبية.

وقال رئيس محللي سوق الكربون في مصرف “بانكو بيلباو فيزكايا أرجنتاريا” Banco Bilbao Vizcaya Argentaria SA إنغو رامينغ: “الانتخابات البرلمانية هي اختبار واقعي لإجراءات الحياد الكربوني في أوروبا، الاقتصادات لم تُعد بالقوة نفسها وأيضًا السياسات.. الآن.. هناك فائدة مرتفعة وأسعار الطاقة العالية، وكلنا ندرك أن تحقيق هذا الهدف يعتمد على صناعة مكلفة للغاية”.

وأضاف نائب وزير المناخ البولندي كريستوف بوليستا “أن العرض الهزيل في هذه الانتخابات والاختيارات الخطأ قد تعيد الاتحاد خطوات إلى الوراء أبعد من مدة البرلمان القادم في هذا الشأن.. هناك كثير من المعايير نحتاج إلى توظيفها لنضمن أنه سيُعَاد انتخاب السياسيين الذين سيستمرون في العمل على التحول نحو تحقيق الحياد الكربوني في أوروبا”.

ولا تخفف التعهدات العامة بدعم إجراءات التحول من خلال مبادرات عديدة مثل صندوق المناخ، مخاوف المرشحين المرعوبين من ناخبيهم بسبب هذه المسألة.

وعلى سبيل المثال، تربك مسألة أسعار الطاقة إدارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتخفيف من الوقود الأحفوري لصالح الطاقة الخضراء، منذ احتجاجات القمصان الصفراء في 2018.

كما اضطر وزير الاقتصاد والمناخ الألماني روبرت هابيك، إلى الاعتراف بأنه “ذهب بعيدًا بصورة مبالغ فيها”، بعد طرح مقترحه بحظر غلايات الوقود الأحفوري الذي قوبل برد فعل سيئ من المواطنين.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.