تعاني محاصيل باكستان الزراعية، على رأسها القمح من أزمات متعددة، أهمّها تغير المناخ وتخلّي الحكومة عن مساندة المزارعين والاتجاه إلى الاستيراد.

وتحتلّ الدولة الآسيوية المركز السابع عالميًا بين أكبر منتجي القمح، الذي يمثّل مصدرًا مهمًا للأمن الغذائي والإيرادات من النقد الأجنبي، وفق تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وغرقت باكستان في فيضانات عنيفة في 2022، كما تخلّت الحكومة عن حصص شراء القمح، ما دفع المزارعين إلى الاحتجاج على تلك السياسات منذ عدّة أشهر، خاصة بعد ثبوت استيراد كميات من هذه الحبوب التي تمثّل مصدرًا مهمًا للغذاء محليًا وعالميًا.

وكانت مقاطعة السند التي يبدأ فيها حصاد القمح، في قلب تلك الاحتجاجات، ورغم انتهاء موسم الحصاد منذ شهرين، ما تزال تلك المواجهة مستمرة مع الحكومة، إذ قام عدد منهم برفع دعاوى قضائية ضد المسؤولين.

آثار تغير المناخ في باكستان

تسبَّب تغير المناخ في باكستان، في يوليو/تموز 2022، بفيضانات هائلة، إذ غمرت المياه ثالث أكبر مقاطعة في البلاد، كما تهدّمت آلاف المنازل، واضطر آلاف السكان للتخلّي عن منازلهم.

ولا تعاني المحاصيل الزراعية في الدولة الآسيوية من الفيضانات فحسب، بل تواجه ارتفاع حرارة مياه المحيط، ما يؤدي إلى سقوط أمطار غزيرة، تؤثّر سلبًا في 15% من المحاصيل.

وفي مناطق مثل جوهي في دادو بمقاطعة السند، ظل تأثير الفيضانات عدّة مواسم في المحاصيل الزراعية، فقد استقرت كمية هائلة من المياه لمدة 6 أشهر تقريبًا بعد الكارثة، كما انهار السدّ المجاور، ولا يمكن تشغيله قبل عامين.

ووصفت وزيرة شؤون المناخ شيري رحمان الوضع بأزمة “ذات أبعاد لا يمكن تصوّرها”، وقالت: إن “كل شيء تحوّل إلى “محيط واحد، لا يوجد أرض جافّة لسحب المياه إليها”، حسبما ذكرت “بي بي سي”.

وقُتِل ما لا يقلّ عن 1136 شخصًا منذ بدء موسم الأمطار الموسمية في يونيو/حزيران 2022، وفق ما صدر عن مسؤولين، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وقال المزارع طالب غاديهي، لموقع “ديالوغ إيرث”، في تقرير منشور يوم الجمعة 31 مايو/أيار 2024، إنه وأشقاؤه، الذين يمتلكون نحو 350 فدانًا، عانوا لمدة 4 مواسم متتالية لزراعة أرضهم.

وأضاف أن انهيار السد تسبَّب في تضرُّر 100 ألف فدان، وحوَّل بعضها إلى أراضٍ قاحلة، ما دفع بعض المزارعين إلى الهجرة لمناطق أخرى.

باكستانيون يتنافسون على الطعام بعد أزمة الفيضانات – الصورة من نيكاي آسيا

وأثّر تغير المناخ في باكستان بالمحاصيل الزراعية، وخفضها، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار، واستيراد الحكومة القمح، وهبط ذلك بترتيب الدولة في مؤشر السعادة العالمي من رقم 99 في 2022، إلى 102 في العام الماضي 2023.

ووفق منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، زاد معدل الفقر من 34% في 2022 إلى 39% في 2023، بسبب ارتفاع أسعار الأغذية بصورة رئيسة، إذ إن هناك 10 ملايين شخص عاشوا في حالة انعدام أمن غذائي حادّ بين أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول 2023.

الحكومة تزيد الأزمة

لم يكد مزارعو باكستان يشهدون تعافيًا جراء الكوارث الطبيعية العنيفة المرتبطة بتغير المناخ قبل عامين، وعاود محصول القمح التعافي العام الجاري، وزادت الكميات، حتى قامت الحكومة، في بلد يعاني من نقص النقد الأجنبي، باستيراد كميات من القمح، الذي يمثّل 72% من الغذاء في الدولة.

وقد دفعت أسعار الأغذية مجموعات من النساء إلى الاحتجاج على أسعار القمح في مقاطعة لاهور، إذ يعدّ ارتفاع أسعار الأغذية العامل الأهمّ الذي قاد 12.5 مليون باكستاني للسقوط تحت خط الفقر العام الماضي، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

وقال مدير قطاع الزراعة والغابات واستعمال الأراضي في المركز الدولي لدراسات آثار تغير المناخ، محمد عارف، إن استيراد القمح تسبَّب في انخفاض سعره محليًا، ما دفع المزارعين للاحتجاج، “كانوا يأملون في تعويض مواسم العامين الماضيين” وفق قوله.

ورغم أن باكستان تحتلّ المرتبة السابعة بين أكبر منتجي القمح عالميًا، فإنها في مركز متأخر من ناحية إنتاجية الهكتار، إذ تبلغ 3 أطنان مترية، في حين إنها تصل إلى 10 أطنان مترية في دولة مثل نيوزيلندا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

رابط المصدر

شاركها.